تحاليل _ تحاليل اقتصادية_ اتساع الشرخ بين الدول العربية الغنية والفقيرة.
كشف التقرير الأخير لمنظمة الأمم المتحدة حول التنمية في العالم الشرخ الواضح الذي بدأ يتفاقم بين الدول العربية خلال العقد الأخير وبلغ ذروته خلال السنة الجارية بين دولة متقدمة في الترتيب العالمي مثل قطر أو السعودية ومجموعة من الدول الأخرى مثل موريتانيا والسودان واليمن وأخرى في وضع حساس مثل المغرب ومصر.
وقدمت الأمم المتحدة تقريرها الجديد الأسبوع الماضي حول التقدم في العالم لمعرفة مستوى الفارق بين الدول، حيث يساعد رسم الخريطة العالمية للتنمية في وضع مخططات مساعدة الدول الفقيرة. وتعتمد هذه التقارير على مقاييس علمية أهمها مستوى الصحة أي الخدمات التي تقدم للمواطن ومدى انتشار إلزامية التعليم الأساسي ثم معدل العمر وأخيراً الدخل الفردي.
وإذا كان التقرير يؤكد مدى الشرخ بين العالم الأول والمتقدم مثل العالم الغربي والدول الإفريقية، لكن تقرير هذه السنة أكد معطى مقلقاً للغاية وهو ارتفاع الشرخ وسط العالم العربي بين دول فقيرة وأخرى غنية. وفي هذا الصدد، احتلت دول الخليج العربي باستثناء اليمن مواقع متميزة في التقرير، فهي تقع ضمن الخمسين الأوائل، إذ أن ما بين المرتبة الأولى والخمسين تعتبر ضمن الأكثر تقدماً في التنمية البشرية، وهنا توجد قطر في المرتبة 33 والعربية السعودية في المركز 38 والإمارات العربية في المركز 42 والبحرين في المركز 47 والكويت في المركز 51 التي تأثرت كثيراً بتراجع عائدات النفط ثم سلطنة عمان في 52.
ولاحقًا توجد دول وسط مثل لبنان في المركز 76 والجزائر في 83 والأردن في 86 وتونس في المركز 97 وهي مراتب متوسطة، بينما هناك فريق ثالث وهو الفقير الذي يقع في المراتب ما بعد المائة يبدأ مع ليبيا في المرتبة 102 ومصر في المركز 111 ثم فلسطين في 114 العراق 121 والمغرب 123 وسوريا 149 ثم موريتانيا 157 واليمن 168 والسودان في 185 وهي من أسوا المراتب في العالم ضمن سلم ترتيب ب 188 دولة. وتفتقد هذه الدول كثيراً لأساسيات العيش مثل التعليم والصحة والدخل الفردي بسبب الصعوبات المالية إما لفقر الموارد أو الفساد أو الاثنين معاً.
والمثير أن هذا الفارق والشرخ الحاصل بين الدول العربية لا يحدث في أي تكتل يشترك في خصائص مثل العامل الجغرافي أي القرب والعامل الثقافي بل حتى الديني. وفي حالة أوروبا، لا توجد هذه الفوارق، ما لا توجد فوارق في منطقة مثل أمريكا اللاتينية بين دولة مثل كولومبيا والأرجنتين أو التشيلي أو الباراغواي.
من جانب آخر، تحاول بعض التكتلات إصلاح هذا الخلل مثل الاتحاد الأوروبي عبر ما يمكن تسميته بصندوق التماسك الذي يجعل دولاً غنية مثل ألمانيا تساهم في صندوق ق للرفع من مستوى دول مثل اليونان والبرتغال بل حتى إسبانيا لتحقيق تقارب في العيش والدخل. ومقابل سياسة تماسك أوروبية قوية، توجد في العالم العربي سياسة تقديم مساعدات ظرفية من طرف الدول الغنية الى الفقيرة وأساساً من دول الخليج الملكية إلى نظامين ملكيين وهما المغرب والأردن وخاصة بعد الربيع العربي لتفادي تأثر البلدين بالاحتجاجات.