تحاليل _ تحاليل سياسية _ تونس: دعوات لكشف مصادر تمويل الإعلام الخاصّ إثر حملة لـ«تشويه» منظّمة مدنية. |بقلم: حسن سلمان.
أثار تسجيل مُسرّب لصاحب إحدى القنوات التونسية الخاصة يوصي فيه بحملة تشهير ضد منظمة مدنية متخصصة بالشفافية، موجة استنكار كبيرة في البلاد، حيث طالب عدد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني السلطات التونسية بالتحقيق في محتوى التسريب المذكور، فضلاً عن التحقيق في مصادر تمويل المؤسسات الإعلامية في البلاد.
ويُظهر التسجيل المسرب صوت نبيل القروي، صاحب قناة «نسمة» والقيادي السابق في حزب «نداء تونس»، خلال إصداره تعليمات للعاملين في القناة لإطلاق حملة خاصة لـ«تشويه» صورة منظمة «أنا يقظ» واتهام أعضائها بالخيانة عبر إعداد سلسلة من البرامج والأخبار للتأثير على الرأي العام وشحنه ضد المنظمة المذكورة.
وأثار التسجيل موجة استنكار كبيرة في تونس، حيث قررت «أنا يقظ» مقاضاة القروي بتهمة «التشهير»، مشيرة إلى أنها تنسق مع عدد من جمعيات المجتمع المدني لمواجهة القروي وقناة «نسمة» التي اعتبرت أنّها تحوّلت إلى «مزرعة» خاصّة لصاحبها، كما أطلقت موقع «القروي ليكس» لنشر جميع التسريبات التي لديها حول نبيل القروي، والمعروف بتصريحاته المثيرة للجدل والتي استهدفت في وقت سابق عدداً من السياسيين في البلاد.
وكتب رئيس المنظمة أشرف العوادي على صفحته في موقع «فيسبوك»: «أنا أشرف العوادي رئيس منظمة أنا يقظ وممثّلها القانوني، أطالب الدولة التونسية لا بالحماية ولا برد الاعتبار. أطالب الدولة بأن تنقذ مدنيتها قبل أن تتحوّل إلى غاب. أطالب كلاً من : الهايكا بعدم إتخاذ أي إجراء استثنائي. فقط البتّ في الشكايات التي تقدّمت بها المنظمة، وهيئة مكافحة الفساد بفتح الملفّات المودعة لديها منذ أشهر، والنيابة العمومية بالتحرّك وفتح تحقيق من تلقاء نفسها لعل التوانسة يرجعلهم الأمل، والقطب القضائي المالي تعيين جلسة للنظر في ملف التهرّب الضريبي لنسمة».
وأعلن عدد من الأحزاب والمنظمات المدنية التونسية تضامنها مع منظمة «أنا يقظ»، حيث طالبت أحزاب «الجمهوري» و«المؤتمر» و«البناء الوطني» النيابة العامة بفتح تحقيق فوري في محتوى الشريط المسرّب وإطلاع الرأي العام على نتائجه، فضلاً دعوة هيئة الاتصال (الهايكا) إلى تنظيم قطاع الإعلام وتطهيره من سيطرة اللوبيات وتحريره في اتجاه النهوض بدوره «كسلطة رابعة حرّرتها الثورة ولا يجب أن تفقد استقلاليتها».
وكتب هشام العجبوني القيادي في «التيار الديمقراطي»: «التسريب الأخير لنبيل القروي (في إطار حرب المافيات والشّقوق) لم يكن مفاجأة بالنسبة لي، فهذا هو واقع «الإعلام» التونسي للأسف الشديد (إلاّ من رحم ربّي) وهذه هي أساليبه لتشويه الناس والأحزاب والمنظمات والسياسيين وكل من يُقلق المافيات واللوبيّات ومراكز النّفوذ التي تموّله! أغلبهم «مُرتزقة» يسخّرون «أسلحتهم الإعلاميّة» لتحقيق أجندات معيّنة مدفوعة الأجر، ولتذهب مصلحة البلاد إلى الجحيم! نبيل القروي لم يقم بتشويه نفسه فقط، بل شوّه وضرب مصداقية كل من قبل بالعمل معه في «قناته» نسمة!».
وأضاف القاضي أحمد الرحموني رئيس مرصد استقلال القضاء «في التسجيل المسرب لنبيل القروي، مالك «قناة نسمة» ، جميع الأطراف تقريباً وجدت حظها من «البذاءة»!: منظمة «أنا يقظ» -الجمعيات- الإعلام – الصحافيون – القضاء. ولا ادري إن كان مضمون الكلام الذي تضمنه التسجيل يحتاج إلى تفسير أو يمكن بمرور الزمن أن ينساه الناس؟».
وتابع «هل يجب أن تتوقف القناة عن البث لان الصحافيين انفسهم كان عليهم أن يغادروا ؟ وماذا يمكن أن يقول مالك القناة بعد أن يظهر لأول مرة؟ وكم يجب أن يتوارى؟ وهل كان من الضروري أن نعلم إلى أي عمق وصل الانحدار باعلامنا الخاص؟».
فيما دعت «النقابة العامة للإعلام» التابعة لاتحاد الشغل السلطات التونسية إلى فتح تحقيق من أجل كشف الحقيقة حول هذا التسريب الصوتي، إضافة إلى فتح الملفات المتعلقة بمصادر تمويل المؤسسات السمعية والبصرية والجهات التي تقف خلفها.
كما دعت أجهزة الرقابة التونسية إلى القيام بدورها في الكشف عن ملفات الفساد داخل المؤسسات الإعلامية ومحاولة بعض أصحابها استغلال الإعلام «لغايات ربحية صرفة أو من أجل تصفية حسابات سياسية مرفوضة ولا تمت لأهداف الإعلام بصلة».
وكان تسريب صوتي آخر للقروي أثار جدلا كبيرا قبل عدّة أشهر، حيث أكّد القروي فيه أنّ حافظ قائد السبسي طلب منه أن يستغل قناته لتشويه بعض خصومه داخل حزب «نداء تونس»، كما اعتبر القروي أنّ قناته لعبت دورا كبيرا في صعود الباجي قايد السبسي ونجاحه في الانتخابات الرئاسية، وفضلا عن دورها في حصول حزب «نداء تونس» على المركز الأول في الانتخابات البرلمانية عام 2014.