تحاليل _ افتتاحية _ إعلامنا…..من التحليل إلى التضليل.
تقريبا كلّ القنوات التلفزية والمحطّات الإذاعية في تونس؛ تستدعي هذه الأيّام “خبراء” و”محلّلين” و”متطبّبين” للتعليق على مجريات الأحداث وتحليل الوقائع ونصح النّاس وإرشادهم وتوجيههم…وكأنّ النّاس قُصَّر ومجانين وفاقدون لمدارك عقليّة تمكّنهم من فهم الواقع واكتناه أغواره وسبرها….
من أين يأتينا هؤلاء المحلّلون ومن أيّ كوكب علينا يطلعون؟…أين كانوا قبل اليوم؟؟؟…أين تعلّموا فنّ التحليل؟؟…أم أنّها مجرّد “حجّامة في رؤوس اليتامى”؟؟؟.
أنا بالذّات….أشعر أنّ أغلب هؤلاء الخبراء والمحلّلين يغرّرون بي…ويخدعونني ويستبلهونني بتلك المسمّاة “تحاليل”.
كنت سابقا متابعا لكلّ أصناف التحاليل والتخريجات و” الطلعات “…
كنت حريصا جدّا على الاستماع إلى كلّ محلّل وخبير وأقرأ ما يكتبه هؤلاء وأنظر فيه حتّى كادت أيّامي ولياليّ تضيع بين المحطّات الإذاعية والقنوات التلفزيّة وأوراق الصحف والمجلاّت…..ولكن كان ذلك في قنوات غير القنوات …وإذاعات غير الإذاعات وصحف ومجلاّت غير الصّحف والمجلاّت…
بعد رحيل رأس الفساد والإفساد وعنوان الطغيان والاستبداد….توسّمت خيرا في وجوه طلعت علينا وقد حملت لواء التحليل والتفسير…وقلت قد يوجد في أنهار الدّار ما لا يوجد في بحار الجار …ولكنّ تحاليلهم تحوّلت بمرور الأيام إلى سلاميات وعكاظيات تدبّج قصائد المديح وتطرّز خطب الثّناء للمحاربين القدامى الذين تركوا أرضهم للعراء وفرّوا ذات شتاء لا يلوون على شيء سوى ترك البلاء لأهل البلاء…
إنّ آخر تحليل قرأته وآخر خبير محلّي سمعته….هو تحليل طبيب ” الأنف والأذن والحنجرة “الذي زرته أخيرا اثر أزمة صحّية ألمّت بي…
وقد كان الطبيب بلغاريّا… وتلك قصّة أخرى…
كان تحليلا لطبيب خبير…تحليل رائع…شاف…ضاف…تحليل جليّ لا لفّ فيه ولا دوران….. لم يترك شاردة ولا واردة.. شخّص بعمق…وحلّل بدقّة.. شخّص الدّاء ووصف الدواء وتمنّى من الله الشّفاء….لم يكن متعالما ولا متعاليا ولا متثاقفا ….ولم يدّع في الطبّ فلسفة…
كم نحتاج إلى محلّلين حقيقيين برتبة أطبّاء قادرين على التشخيص السّليم لكلّ داء…
إنّنا لا نحتاج “متعالمين” و” متطبّبين ” رعوانيين “يضربوا في الخفبف” ويتداوون بالأعشاب الإرهابية …عفوا البرّية…
إنّ أيّ خطاء في تشخيص الدّاء…يعقبه بالضرورة خطأ في وصف الدواء…
لقد عاهدت نفسي أن لا ” آخذ العلم من روس الفكارن “…. وقديما قيل ” يا طبيب العميان داوي عينك العورا”.
لكلّ هذه الأسباب جاء موقع “تحليل.كوم” من أجل أن يكون علامة فارقة في عالم التحليل والتشخيص وكشف الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة الواضحة الفاضحة العرية بلا خجل أو وجل…الحقيقة بألف ولام التعريف.
أهلا وسهلا بكم جميعا قراء ومتابعين؛ نقّادا ومحلّلين.
( ج / ع ).