تحاليل _ تحاليل علمية _ التحكّم في الأجهزة دون شاشة أو لوحة مفاتيح.
يبدو أن التطور التكنولوجي لا يؤمن بالمستحيل؛ فما كنا نراه في أفلام الخيال العلمي خلال السنوات السابقة ونظن أنه غير ممكن التحقيق، أصبح حقيقة واقعية يتعامل معها البشر بكل يسر، ويبدو أن الشركات التكنولوجية لن تتوقف عن إبهار الناس باكتشافاتها التي لم تتوقف منذ ظهور الهاتف الخلوي، لتصل اليوم إلى قدرة الدماغ على التحكم في الأجهزة والألعاب الذكية دون لوحة تحكم ولا لوحة مفاتيح.
تخطّط مايكروسوفت لتوفير طريقة تسمح للمستخدمين بالتحكم في الأجهزة وفتح التطبيقات باستخدام قوة الفكر، وفقا لبراءة الاختراع الأخيرة.
وقد أصدرت الشركة تفاصيل واجهة التحكم في الدماغ، والتي تفك رموز الإشارات الكهربائية الصادرة عن الدماغ، لإطلاق وتشغيل التطبيقات ومتصفحات الويب.
ويبدو أن مايكروسوفت تحاول منافسة فيسبوك، التي أكدت العام الماضي الشائعات المتعلقة بعملها على تطوير تقنية “سيطرة العقل”.
ونُشرت براءة اختراع مايكروسوفت “تغيير حالة التطبيق باستخدام البيانات العصبية”، إلى جانب براءات الاختراع والعلامات التجارية في الولايات المتحدة، في وقت سابق من هذا الشهر.
وتعمل التقنية على ترجمة شفرة النشاط الكهربائي في الدماغ (عرض قراءات تخطيط موجات الدماغ)، باستخدام أجهزة الاستشعار الموضوعة على فروة الرأس.
ويتم التدريب على براءة اختراع مايكروسوفت لقراءة هذه البيانات، وكشف إشارات تحرض على سلوك معين.
ويمكن للخوارزميات المتطورة أن تتعلم سلوك دماغ الفرد أيضا، كما يمكن استخدام التكنولوجيا في ألعاب الفيديو، وتقنيات الواقع الافتراضي، وكذلك تصميم البرمجيات ومتصفحات الويب.
يذكر أنه في عام 2015 انطلقت الشركة الناشئة “نورابل” في تطوير برمجيات تحاكي واجهة دماغ الكمبيوتر.
التقنيات التي طورتها الشركة في هذا المجال، تتعلق بتفسير نوايا وأفكار المستخدم بناء على نشاط الدماغ بهدف إعطائه سيطرة مباشرة وفي الوقت الحقيقي على البرامج والأجهزة باستخدام دماغه فقط.
وتشرح الشركة أن هذه التقنية تعمل “من خلال جمع البيانات عن النشاط الحيوي الفيزيولوجي في الدماغ، والتي يتم تحليلها بعد ذلك من قبل برنامج لاستخراج وتصنيف ميزات البيانات”.
وتشرح مايكروسوفت تفاصيل واجهة التحكم في الدماغ، بأنه “يتم تغيير حالة التطبيقات تلقائيا على النحو المحدد من قبل بيانات نية المستخدم المستقبلية، بحيث يتم تنفيذ العملية المقصودة”.
وتقول تقارير إعلامية ستكون لدينا في عام 2018 لعبة واقع افتراضي نلعبها دون أن نلمس شيئا، لا شاشة ولا جهاز تحكم ولا لوحة مفاتيح، لعبة نديرها ونوجّهها من خلال إشارات الدماغ عبر تقنية واجهة دماغ الكمبيوتر.
قصة لعبة الـ”أوينكنغ” التي طورتها شركة “نورابل”، تتمثل في أنك “طفل محتجز في مختبر علمي حكومي، تكتشف أن التجارب وهبتك قوى تحكم ذهني. ويجب عليك استخدام تلك القوى للهروب، بعد هزم الروبوتات التي تحرس السجن، وتحرير نفسك من المختبر”.
أمّا التقنية الكامنة خلفها فهي أنه يجب أن يتحكم اللاعب في الأغراض وأن يخوض المعارك مع العدو من خلال عقله دون أي أجهزة تحكم.
وتعمل اللعبة من خلال قطب كهربائي موجود على عصابة رأس متصلة بنظارات الواقع الافتراضي المعدلة من شركة “إيتش تي سي” بحيث تُستخدم هذه الأقطاب الكهربائية الجافة الموضوعة على فروة الرأس لقياس النشاط الكهربائي في عدة أنحاء من الدماغ.
ويتوقع خبراء التكنولوجيا أن تصبح أجهزة الواقع الافتراضي والمعززات المدمجة بتكنولوجيا واجهة دماغ الكمبيوتر منتشرة مثل انتشار شاشات اللمس في الهواتف الذكية، لأن أنظمة واجهة دماغ الكمبيوتر تعزز تجربة الواقع المختلط.
وابتكر فريق من الباحثين العاملين في مختبر الروبوت الموجه والمراقب من الإنسان والتابع لجامعة ولاية أريزونا نظاما لإدارة مجموعة من الروبوتات معا بواسطة قدرات الدماغ البشري.
ويستمر العلماء في عملهم على تحقيق اختراقات جديدة تمكن البشر من السيطرة على الروبوت عن طريق قدرات الدماغ، وتتجه الأبحاث الجديدة نحو معرفة كيفية تشغيل مجموعة كاملة من الروبوتات عن طريق العقل البشري.
ويمكن للعنصر البشري في المستقبل استخدام أفكاره لإدارة فريق من الروبوتات التي تعمل معا لتحقيق هدف محدد.
ويتركز عمل العلماء على الاستفادة المثلى من واجهة التحكم البشرية من أجل زيادة كفاءة التشغيل والدقة، ويقدم النموذج التجريبي قبعة تحتوي على 128 قطبا سلكيا موصولا بجهاز الكمبيوتر.
وتسجل القبعة نشاط الدماغ الكهربائي، وتتم ترجمة ذلك النشاط بواسطة خوارزميات تعلّم متقدّمة، إلى أوامر يتم إرسالها لاسلكيا إلى الروبوت، ويشاهد المستخدم الروبوت ويعمل عقليا على تصوره يقوم بأداء مهام مختلفة مثل التحرك في اتجاه معين.
ويعتبر التحدي الأكبر هو استمرار قيام الأشخاص بعملية التركيز بشكل مباشر على الروبوتات، بحيث لا ينبغي أن ينشغل الدماغ البشري بأي أمر آخر وإلا فإن النظام يتوقف ولا يعمل.
ويعمل فريق الباحثين في جامعة ولاية أريزونا أيضا على التأكد من أن عملية ترجمة نشاط الدماغ تتم بشكل دقيق وقابل للتكرار، الأمر الذي لم يكن سهلا، حيث أن تسجيلات الدماغ متفاوتة زمنيا وحساسة جدا لموقع الأقطاب الدقيق.
ويعمل الفريق على معالجة هذا التحدي حتى في الحالات المتعلقة باختلاف وقت الإشارات الدماغية من خلال تطوير خوارزميات تعلّم متطورة، والتي تتكيف مع التغييرات في التسجيلات في الوقت الحقيقي.
وأشار العلماء إلى أنه على الرغم من أن هذه الأبحاث لا تزال في مراحلها الأولى، إلا أننا سنرى هذا النوع من إمكانيات التحكم البشري في مجموعة من الروبوتات لأداء المهام واستكمالها خلال السنوات العشر المقبلة.
الأمثلة على تحول هذه التقنية من الخيال العلمي إلى التطبيق تتعدد، منها إعلان باحثين من المعهد الكوري للعلوم والتقنيات المتقدمة عن تمكنهم من تطوير تقنية جديدة، من الممكن أن تتيح لمستخدميها التحكم في حركة الحيوانات، وذلك من خلال استخدام أفكار الإنسان.
وقال الباحثون، إنّ هذا الابتكار، يأتي ضمن تقنيات واجهة دماغ الكمبيوتر، والتي تتيح ربط الدماغ مع جهاز خارجي آخر، والتحكم فيه من خلال التفكير، عن طريق تحويل الإشارات الدماغيّة، وتحويلها إلى أوامر يفهمها الكمبيوتر.
وقام باستخدام جهاز تحكم دماغي، يساعد على ترجمة الموجات الدماغية، إلى أوامر توجه وتتحكم في حركة السلحفاة، إذ تم تركيب هذا الجهاز على ظهرها، وهو يحتوي على كاميرا ومستقبل لاسلكي ووحدة تحكم كمبيوترية، بالإضافة إلى بطارية.
ويعمل الجهاز، من خلال إرسال واجهة دماغ الكمبيوتر، لإشارات لاسلكية إلى الجهاز، عن طريق “واي فاي”، وذلك للسماح للضوء بالعبور، أو منعه، بهدف توجيه السلحفاة يمينا أو يسارا.
وتتنافس مايكروسوفت مع فيسبوك التي لديها حاليا 60 مهندسا يعملون على تقنية واجهة دماغ الكمبيوتر.
وقال مارك زوكربيرغ في أفريل الماضي، “نبني ما هو أبعد من الواقع الافتراضي، وهذا يشمل العمل على واجهات الدماغ المباشرة، التي تتيح التواصل باستخدام العقل فقط”.