تحاليل _ تحاليل اقتصادية _ السياحة العلاجية في تونس وجهة العالم.
تزداد شهرة تونس في مجال السياحة العلاجية في هذا الوقت من العام وحتى بداية فصل الربيع مع استفادتها من مصادر العلاج الطبيعي المتوفرة لديها، حيث تنتشر العشرات من المراكز الاستشفائية التي توفر للزوار كل احتياجاتهم وتتيح لهم الابتعاد أكثر عن ضغوط الحياة.
روعة السياحة العلاجية في تونس تجسدها المئات من منابع المياه الجوفية المنتشرة في كامل البلاد حيث العيون الحارة والمياه المعدنية، التي باتت عصب المراكز العلاجية وبات الآلاف من الزوار يفضلون الاستمتاع في المنتجعات المقامة حولها.
ويساهم موقع تونس الجغرافي ومناخها المتوسطي في أن تكون موقعا سياحيا جذابا للكثيرين ممن يبحثون عن الراحة والاستجمام بالمياه الحارة ومياه البحر والمياه المعدنية، إلى جانب تمتعهم بشمسها المشرقة على مدار العام وجوها المعتدل وطبيعتها الخلابة.
وليس ذلك فقط، بل باتت وجهة سياحية علاجية للخليجيين والعرب أيضا حيث توفر المراكز كافة احتياجاتهم تحت إشراف طبي متكامل من المختصين في هذا المجال، ولتكون بديلا لهم عن الوجهات الأوروبية التي قد يواجهون فيها صعوبات تتعلق بالبرامج العلاجية.
وتحظى المدن التونسية منذ القدم بحمامات شعبية، ومع مرور الزمن بدأت تظهر المراكز العلاجية المتطورة مدفوعة بدراسات أعدها مختصون في العلاج بالمياه المعدنية ومياه البحر والمياه الحارة التي اشتهرت بفوائدها العلاجية.
والمنتجعات العلاجية بالمياه المعدنية الحارة والطبيعية بفضل العيون والينابيع التي تجمع خصائص استشفائية مميزة مثل التنحيف وآلام الظهر والمفاصل والأمراض المتعلقة بالعين والأنف والحنجرة.
أما العلاج بمياه البحر، الذي يشكل في الوقت الحالي حلا فريدا للكثير من المشاكل الصحية مثل مخلفات الحمل والولادة والتوتر النفسي، فإن نجاح التجربة مضمون بفضل الإمكانيات التي توفرها تلك المنتجعات.
وللراغبين في التطبيب في تونس، فإن لدى الزوار اختيارات متنوعة وفق رغباتهم، حيث تنتشر على كامل البلاد أماكن استشفائية كثيرة من بينها 60 مركزا للعلاج بمياه البحر و40 مركزا للعلاج بالعيون الطبيعية الحارة.
وكل محطة استشفائية لها خاصياتها العلاجية حسب مكونات وتركيبة المياه التي تحتويها، وفق بيانات الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء في تونس عبر موقعه الإلكتروني.
ومن أبرز المنتجعات العلاجية العيون الحارّة الموجودة بمدينة قربص التابعة لولاية نابل وعيون في حمام بورقيبة التابعة لولاية جندوبة وأخرى في مدينة جبل الوسط بولاية زغوان، فضلا عن المركز الاستشفائي في مدينة جربة التابعة لولاية مدنين.
وتستغل تلك المراكز الأربعة 50 مركز علاج بالمياه الطبيعية و30 حماما تقليديا وأكثر من 50 مركزا للمعالجة بمياه البحر و18 نبعا جوفيا حارا، فضلا عما يناهز خمسين مركزا للنقاهة.
وقربص المدينة الجبلية الصغيرة التي تبعد عن العاصمة تونس نحو 65 كيلومترا شمالا، وتطل على البحر المتوسط، شهيرة بعيونها المائية إذ تتدفق فيها مياه حارة مليئة بالأملاح المعدنية والكبريت، وينصح بها الأطباء لمعالجة أمراض عضوية كثيرة.
وتتيح المدينة للسياح السباحة حتى في فصل الشتاء بفضل عيون المياه الطبيعية التي تتدفق بدرجة حرارة تقارب الـ75 درجة مئوية وتصب مباشرة في البحر، وهو ما يسمح للزوار بالسباحة والاستمتاع بدفء المياه الممتزجة بملوحة البحر.
ووسط تلك المناظر الطبيعية الجذابة والخدمات العلاجية المميزة يستمتع زوار المدينة الجبلية بخدمات سكانها الذين احترفوا عدة مهن تقليدية كالنقش والزخرفة وإعداد القلادات والتحف، علاوة على تقديم أطيب أنواع الأطعمة والمشروبات.
ويعد المرادي بحمام بورقيبة الوجهة الأمثل لعلاج أمراض العظام والمفاصل عبر الجمع بين فضائل المياه المعدنية العلاجية المتمثلة في المياه الكبريتية والطحالب المعدنية ومزايا المناخ الطبيعي الملائم من شمس وهواء نقي وجاف.
ويحظى الزوار بعناية خاصة حيث يهدف العلاج أساسا إلى تحقيق تحسن ملموس ولأطول فترة ممكنة عبر التقليص من حدة الألم وتطوير الأداء الوظيفي للمريض لتحسين طريقة عيشه، وفي الوقت ذاته التقليص من استهلاك الأدوية المسكنة أو المهدئة للألم وكذلك الالتهابات.
وإذا أتيحت للسياح فرصة زيارة تونس وبالتحديد الجنوب التونسي، فيمكن الذهاب إلى جربة الملقبة بجزيرة الأحلام، التي اختيرت في عام 2014 عاصمة متوسطية للعلاج بمياه البحر.
وفي الجزيرة الصغيرة في البحر المتوسط هناك مركز للاستشفاء بالمياه المعدنية بمواصفات عالية، حيث يعتمد أساسا على تقنيات متطورة تجعله يصنف كأحد أبرز المراكز الاستشفائية في حوض المتوسط والأكبر في القارة الأفريقية حيث بإمكانه استقطاب ألفي زائر يوميا.
ويوفر المركز علاجا للزوار المصابين بأمراض الجلد والضغط النفسي والروماتيزم والأنف والحنجرة والأمراض الصدرية وتقويم الأعضاء والسمنة.
كما يتيح خدمات علاجية خاصة بالأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، حيث يوفر لهم كل التجهيزات والوسائل الكهربائية التي يحتاجونها للاستشفاء.
وتحتل المعالجة بمياه البحر أهمية كبيرة في تونس، وتعد من أهم الروافد السياحية التي تدعم اقتصاد البلاد، وبفضلها تمكنت تونس من احتلال المرتبة الثانية عالميا بعد فرنسا.
ويرجع تاريخ إنجاز أول مركز للعلاج بمياه البحر في تونس إلى عام 1994، ويقع في مدينة سوسة الساحلية.