انتصار كبير لأردوغان وهزيمة ساحقة لخصومه…ماهي تحدّيات “اليوم التالي”؟
الجمعي الصحبي العليمي
17 أبريل، 2017
تحاليل سياسية
1,243 زيارة
تحاليل _ تحاليل سياسية _ انتصار كبير لأردوغان وهزيمة ساحقة لخصومه.. ماهي تحدّيات “اليوم التالي”؟
لم يكن فوز الرئيس رجب طيب أردوغان في الاستفتاء التركي الذي جرى يوم أمس الأحد مفاجئا، بل كان متوقعا، لان الرجل، وحزبه الحاكم (العدالة والتنمية) يملكان قاعدة شعبية عريضة في الوقت الراهن، وقدرة كبيرة على الحشد والتحشيد، ونسج التحالفات السياسية (الحلف القومي التركي)، وكيفية اختيار الأعداء وتوجيه الرأي العام التركي ضدهم (أوروبا).
الرئيس اردوغان اثبت انه اللاعب الرئيسي الأول على الخريطة السياسية التركية، وساعده على ذلك إنجازات اقتصادية ضخمة على مدى اكثر من عشر سنوات، ومعارضة سياسية ضعيفة مهلهلة ومحيط إقليمي ملتهب.
انه انتصار كبير عبر صناديق الاقتراع، وليس من خلال انقلاب عسكري، ولكنه انتصار ربما يكون مكلفا في السنوات المقبلة لصاحبه وحزبه معا، لأنه قد يخلق الكثير من الأعداء، في ظل انكماش أعداد الأصدقاء، أو حتى انعدامهم، خاصة في دول الجوار.
لا شك ان الرئيس اردوغان حصل على تفويض شعبي، ولكنه ليس تفويضا كبيرا، أو مفتوحا، يؤهله لإدارة البلاد لسبع أو عشر سنوات مقبلة، او مدى الحياة كباقي السلاطين، دون مشاكل أو مطبات، فنسبة الفوز كانت محدودة لا تزيد عن واحد في المئة، مما يعني ان ما يقرب من نصف الشعب التركي لم يمنحوه هذا التفويض الذي يريد، وسيبقون في المعسكر المضاد، خاصة من أبناء المدن الكبرى التي تشكل العصب التركي الرئيسي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، مثل اسطنبول وانقرة وازمير، ذات الكثافة السكانية العالية.
نتائج الاستفتاء كشفت عن حالة استقطاب طائفي وعرقي ومناطقي غير مسبوقة في تركيا، مثلما كشفت عن انقسام تركيا الى معسكرين كبيرين، واحد مع الرئيس وحزبه، والثاني يقف في المعسكر المضاد، الامر الذي قد يتطور الى مواجهات مستقبلية قد تأخذ طابعا غير سياسي ديمقراطي، وتبلور قيادة قوية تحل محل قيادة المعارضة الحالية الضعيفة.
الرئيس اردوغان نجح بهذا الفوز في كسر هيبة كمال اتاتورك، مؤسّس تركية الحديثة، ووجه ضربة قوية إلى ارثه السياسي الذي أراد حرف الهوية التركية من هوية اسلامية الى هوية اوروبية غربية، وهذه حقيقة لا يجب اغفالها او التقليل من شأنها وتداعياتها المستقبلية على تركيا والمنطقة بأسرها.
الاختبار الحقيقي للرئيس اردوغان سيبدأ اليوم، لان التحديات الحقيقية التي تواجهه، وخاصة اعادة توحيد تركيا، اكبر كثيرا مما يتوقعها، كما ان حجم الاعداء سيتضخم عددا وقوة، وفوق هذا وذاك، التدهور الاقتصادي المستمر، وحروب الاستنزاف التي تخوضها تركيا في دول الجوار، وسورية على رأسها.
الرئيس اردوغان انتصر، والاحتفالات تعم مراكز حزبه وقواعده الشعبية، ولكنه انتصار ربما يكون باهظ التكاليف إذا لم يتم توظيفه في مصلحة تركيا كلّها، وليس في مصلحة الحزب الفائز، بعيدا عن الثارات والنزعات الانتقامية من الآخر المهزوم.