تحاليل _ تحاليل فنّية _ آمال بن صالح زعيم، تشكيلية تونسية تفجر اللّون الأزرق في الكراسي.
تقدم الفنانة التشكيلية التونسية آمال بن صالح زعيم في معرضها الذي أقيم بالمركز الثقافي الطاهر الحداد في قلب مدينة تونس العتيقة، والمعنون بـ”الحلم الأزرق” أعمالا فنية جمعت بين الرسم على القماش وعملين نحتيين بمادة الحديد، جاء الأول تحت عنوان “لعنة الكرسي”، ووسم الثاني بـ”التاج”.
يحتوي معرض “الحلم الأزرق” للفنانة التشكيلية آمال بن صالح زعيم على 14 لوحة فنية متفاوتة الأحجام، يغلب عليها اللون الأزرق، دلالة على البحر، ورمزا للشباب الحالمين بالهجرة إلى مدن الأضواء بأوروبا، متخذين من الهجرة غير الشرعية سبيلا إلى ذلك، رغم المخاطر التي يتعرضون لها، والتي غالبا ما تؤدي إلى الموت والهلاك على شواطئ الأحلام التي تتحوّل إلى كوابيس مرعبة. ومن بين اللوحات نذكر: “الكرة الأرضية” و”فضاء” و”باقة” و”أورانيس” و”بيانات شخصية” و”موازين” و”نوستالجيا زرقاء” و”جنين” و”سمكة زرقاء” و”غير شرعي” و”الشفق القطبي” و”خيال”.
وتطغى نظرة التفاؤل على اللوحات، رغم قتامة الموقف والظرفية الدقيقة التي تمر بها البلاد التونسية وأغلب البلدان العربية وما تعيشه من حروب واقتتال طائفي أتى على الأخضر واليابس، إلا أن اللون الأبيض، رمز السلام والمحبة يبدو حاضرا وجليا في غالبية الأعمال المعتمدة بالأساس على مادة الأكريليك على القماش.
وتتميز اللوحات بطغيان الرمز الذي تجسده الفنانة التشكيلية، فتارة نرى الخطوط المستقيمة والبعض من الانحناءات اللونية، وتارة نلاحظ ارتداد الأبيض في شكل فضاءات فراغ أشبه بالبالونات على أشكال تتعرج فيها الريشة لترسم شبكات تترجم إحساسا بالخوف من المجهول وتنقل شعور المواطن التونسي خاصة والعربي عامة بعدم التوازن وعدم الرضى بالموجود.
كما يضم المعرض عملين فنيين أنجزتهما الفنانة بمادة الحديد، وهما عبارة عن كرسي يجلس عليه هيكل عظمي، وتاج مرصّع بالجماجم، وجاء العملان باسمي “لعنة الكرسي” و”التاج”.
وعن العمل الموسوم بـ”لعنة الكرسي”، تقول الفنانة التشكيلية آمال زعيم “الكرسي المتمثّل في هيكل عظمي يجسّد تكالب أصحاب الكراسي والتمسك بها حتى الموت، لأن الحكّام العرب زرعوا في أذهاننا أنّ الكرسي ملكيّة خاصة ومحظور الاقتراب منه، وغالبا ما يؤدي إلى الإعدام، لذلك يبقى الحديث حول كرسي الحاكم من المحرمات، ومن الخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها”.
وتضيف زعيم “إنه كرسي الموت، فهو كرسي منافق وأجوف، يتحوّل إلى لعنة ووبال على جالسه، حيث تبيّن دون ريب أنّ الحاكم العربي يمتطي صهوة الكرسي من أجل السيطرة على العقول وتكبيل الطاقات ليفعل ما يريد، دون وعي بقيمة المسؤولية المنوطة بعهدته”.
وعن العمل الثاني الموسوم بـ”التاج” تشير زعيم إلى أنه يرمز إلى الملك والمنصب والسلطة والحكم في الظاهر، في حين يرمز في الباطن إلى الكثير من التضحيات التي قدّمتها البشرية، لكن تستفيد منها فئة محدودة على مرّ التاريخ.
وما يميّز العملين وجود مجموعة من أوراق الصحف والجرائد ملفوفة تغطي الأرضية، وعن سؤالنا عن هذا الاختيار، تقول زعيم “الجرائد عبارة عن أخبار منشورة، فيها الكاذب وفيها الصحيح”، وهي ترمز أيضا كما تؤكد الفنانة التشكيلية آمال زعيم إلى تلك المطالب التي يقدمها المواطنون إلى المسؤولين، فلا تلقى جوابا وبالتالي يكون مآلها التمزيق ورميها في صندوق القمامة، وهذا دليل على عدم الاكتراث واللامبالاة والإقصاء الذي يمارسه أغلب المسؤولين على شريحة الشباب خصوصا.
وتشير الفنانة زعيم إلى أن آمال الشباب باتت محطمة في ظل عدم توفر الحلول رغم مرور سنوات على ثورة 14 جانفي 2011، وهي سنوات حملت شعورا بعدم الأمان، ورغم ذلك ما زالت تحلم بغد أفضل، لأنها تعتقد أنه لم يبق غير الحلم نتمسك به، وهو ما دفعها إلى اختيار عنوان معرضها “الحلم الأزرق” الذي يأتي بعد العديد من المشاركات المحلية وفي فرنسا وألمانيا والبعض من دول الخليج العربي وأميركا.