تحاليل _ تحاليل سياسية _ صفقة “خفية” قد تُبقي حكومة الشّاهد إلى ما بعد الانتخابات.
تسعى حركتا نداء تونس والنهضة للإبقاء على حكومة يوسف الشاهد إلى ما بعد إجراء الانتخابات المحلية مايو المقبل.
وقالت مصادر سياسية مطلعة إنّ المداولات والنقاشات التي تمت خلال اجتماع لجنة وثيقة قرطاج الإثنين، كشفت عن وجود صفقة “خفية” بين حركتي نداء تونس والنهضة الإسلامية لترحيل المسائل الخلافية المُرتبطة ببقاء أو رحيل الحكومة الحالية إلى ما بعد الانتهاء من صياغة خارطة الطريق الجديدة التي ستحل مكان وثيقة قرطاج.
وتتعارض الصفقة مع ما يطالب به الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، ومنظمة أرباب العمل، وكذلك أيضا حزب الاتحاد الوطني الحر.
وقالت المصادر إن ملامح هذه الصفقة عكستها مداخلة محسن حسن، القيادي في حركة نداء تونس، خلال الاجتماع. وقد تضمنت المداخلة مواقف تتماهى كثيرا مع مقاربة حركة النهضة التي تقوم على أساس الحفاظ على الوضع الراهن.
وأكّد محسن حسن خلال الاجتماع الذي تواصل على مدى تسع ساعات، أنّ حركته “تتمسّك برئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي يبقى ابن الحركة التي ستظل تدعمه لمواصلة عمله على رأس حكومة الوحدة الوطنية”.
ويتناقض هذا الموقف مع تصريحات له أدلى بها السبت الماضي، قال فيها إنّ حركة نداء تونس “ليست ضد التعديل الوزاري، ولكن لا يمكن الحديث عن شكله وعمقه وطبيعته إلّا بعد التوافق حول السياسات أو خطّة الإنقاذ الاقتصادي التي ستخرج البلاد من أزمتها الاقتصادية والمالية”.
وقبل ذلك أكّد حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لحركة نداء تونس، أنّ حركته تدعم إجراء تعديل وزاري وصفه بـ”المُعمّق” قبل الانتخابات المحلية.
وبالتوازي أكّد سليم بسباس، القيادي في حركة النهضة الإسلامية، أنّ مسألة تغيير الحكومة لم تكن ضمن محاور تلك الاجتماعات، لأنّ الاهتمام انحصر في الإصلاحات الضرورية وذات الأولوية في المرحلة القادمة. ولفت إلى أنّه سيتم لاحقا النظر في الجهة التي ستنفذ الإصلاحات، سواء بتغيير جزئي أو كلّي.
ووصف رضا بلحاج، المنسّق العام لحركة تونس أولا، هذا التماهي في المواقف بين حركتي النهضة والنداء، بأنه شكل من أشكال “المناورة السياسية” للإبقاء على يوسف الشاهد رئيسا للحكومة إلى ما بعد الانتخابات المحلية.
وقال إن تراجع حركة نداء تونس عن مواقفها التي تدعو فيها إلى رحيل الشاهد، أو على الأقل إدخال تعديل واسع ومُعمّق على فريقه الحكومي، يعود إلى سببين أساسيين”.
وأضاف “السبب الأول هو حصول السبسي الابن على ضمانات من الشاهد لتلبية مطالب حركته في التعيينات، والثاني تخوّف النداء من حكومة كفاءات، لا سيما في هذه الفترة التي تقترب فيها البلاد من الاستحقاق التشريعي والرئاسي في العام 2019”.
وأعرب في المقابل عن اعتقاده بأنّ تغيير الحكومة سيتم قبل الانتخابات المحلية، لأنّ مناورات النهضة والنداء ستصطدم بتمسك الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة أرباب العمل بضرورة تغيير المشهد الحكومي في هذه الفترة.
وبحسب مصادرنا، فإنّ تقارب النهضة والنداء يعود إلى لقاءات عُقدت بين رئيس الحركة راشد الغنوشي والسبسي الابن خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وتم خلال اللقاء الاتفاق على إبقاء الوضع الحكومي على حاله بحجّة معالجة الاحتقان الاجتماعي لا سيما بعد عودة الاحتجاجات إلى الجنوب التونسي، والخوف من تمادي حالة الفراغ والتعطيل التي قد تطال مؤسّسات وأجهزة الدولة، مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي.
وأشارت المصادر إلى أنّ الغنوشي سبق له أن عرض على الرئيس السبسي مثل هذا الموقف الذي يُشدّد على ضرورة الانتظار إلى ما بعد الانتخابات المحلية بأسبوع أو أسبوعين ليُبنى على نتائجها من أجل تشكيل حكومة جديدة من صيغتين.
وبحسب المصادر ذاتها فإن الصيغة الأولى تنصّ على “حكومة حيادية” خالية من أيّ تمثيل مباشر للأحزاب السياسية، تكون مهمتها تنفيذ مقررات خارطة الطريق الجديدة، والتحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية للعام 2019، والثانية تقول بـ“حكومة سياسية” تُشارك فيها الأحزاب على قاعدة تمثيلها البرلماني.
ويبدو أن تلك السجالات التي ترافقت مع سعي النهضة والنداء إلى تعويم النقاشات لإطالة عمل لجنة وثيقة قرطاج، هي التي دفعت نور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل إلى حثّ المُجتمعين على ضرورة الإسراع في وضع خارطة الطريق الجديدة خلال الأسبوع الجاري، لفسح المجال أمام مناقشة بقاء أو رحيل الحكومة الحالية.
———————————————————————————————————-
*الجمعي قاسمي ا صحافي تونسي.