تحاليل _ تحاليل سياسية_ هل تسبّب ناجي جلّول في إقالة عبيد البريكي؟ | بقلم: نوفل سلامة.
في الوقت الذي كان فيه الجميع ينتظر ما ستقرره الحكومة بشأن مصير وزير التربية ناجي جلول بعد الإضراب الأخير لنقابة التعليم ومطالبتها بإقالته وانقطاع حبل الودّ نهائيا بين الوزارة ونقابة التعليم وتعطّل لغة الحوار بينهما وإعلان النقابة صراحة أنّ ناجي جلّول لم يعد مرغوبا فيه وهي اليوم تضغط بقوّة من أجل حمل الشاهد على اتخاذ هذا القرار حتى يعود الهدوء للمعاهد والمدارس، أعلن يوسف الشاهد رئيس الحكومة في حركة غير منتظرة ومفاجئة للجميع عن استغنائه عن خدمات عبيد البريكي وزير الوظيفة العمومية وقرّر إقالته من منصبه دون أن يوضّح سبب الإقالة وهي خطوة خلفت الكثير من ردود الفعل وهزت منظومة الحكم القائمة على قاعدة التوافق والتشارك في الحكم وعلى مبادئ وثيقة قرطاج التي نصت على تشكيل حكومة وحدة وطنية اقتضتها المرحلة كان الاتحاد العام التونسي للشغل أحد مكوناتها الرئيسة ممثلا في وزيرين هما عبيد البريكي ومحمد صالح الطرابلسي لضمان أكثر استقرار وهدوء حتى تمر هذه المرحلة من الحكم بسلام والبلاد تنتظرها تحديات كبيرة خاصة في الملفين الاقتصادي والاجتماعي. فكيف نفهم هذا التغيير الوزاري المفاجئ ؟ وما هي الأسباب التي الحقيقية التي عجلت برحيل البريكي من حكومة الوحدة الوطنية والحال أن الجميع كان يتوقع رحيل وزير التربية ناجي جلول ؟
هناك رأي يعتبر أن موضوع إقالة أو استقالة عبيد البريكي ومغادرته الحكومة كانت متوقعة ومطروحة منذ فترة فقط ما كان ينقضها هو التوقيت المناسب على اعتبار أن وزير الوظيفة العمومية قد شرع منذ اليوم لتسلمه مهامه في فتح ملفات الفساد والبدء في عملية الإصلاح التي أعلن عنها الشاهد في خطاب تكليفه وأن هذا التوجه لا يرضي الكثير من الناس داخل وخارج الحكومة وهي مسألة صرح بها البريكي في العديد من المرات حينما اعتبر أن الحكومة دخلت بقوة في تنفيذ برنامج وثيقة قرطاج باعتبارها المرجع لبرنامجها ولكن سرعان ما تم التخلي عنها تحت ضغط اللوبيات النافذة وأصحاب المصالح لنجد أنفسنا بعد فترة قصيرة من تشكيل الحكومة من دون برنامج ومن هذا الكلام نفهم أن مشكل البريكي مع الشاهد هو مشكل خيارات ومشكل خلاف خفي في التوجهات والرؤى خاصة إذا علمنا أن البريكي لم يأت للحكومة من وراء حزب سياسي ولا كان مدعوما من طرف فصيل سياسي ما وإنما هو محسوب على اتحاد الشغل وجيء به للحكومة في إطار التوافق والتشارك في إدارة الحكم ومحاولة لشراء السلم الاجتماعية.
ورغم وجاهة هذا الرأي فإن عملية الإقالة على ما يبدو وراءها سبب آخر وراءها ناجي جلول وزير التربية الذي أعلن منذ فترة عن قلقه من وجود أساتذة ملحقين باتحاد الشغل وهم ويتقاضون أجورا على حساب الوزارة من دون أن يزاولوا مهنتهم الأصلية وفي المقابل فإن المدارس تشكو نقصا كبيرا في الإطار التربوي مما يفرض قطع هذا الإلحاق وعودة كل من كان على ذمة الاتحاد إلى حظيرة وزارة التربية وقد قدم وزير التربية ملفا في ذلك إلى رئيس الحكومة الذي قام بدوره إرساله إلى وزير الوظيفة العمومية عبيد البريكي لإيقاف هذا الإلحاق وهو ما شكل له إحراجا كبيرا لاتخاذ قرار إعادة الكثير من الملحقين بالاتحاد الشعل إلى وزارة التربية وهذا الإحراج جعله يفصح عن فكرة الاستقالة كمخرج له عوض الاستجابة لطلب ناجي جلول الذي يخوض هذه الأيام حربا مع رفاق الأمس سوف تحدد بقائه من عدمه.
فلو صحت هذه المعطيات وكان وراء إقالة البريكي ملفا أحاله ناجي جلول وزير التربية إلى رئاسة الحكومة يتعلق بملحقين باتحاد الشغل من وزارة التربية يتقاضون إلى اليوم أجورا على حساب وزارة التربية من دون أن يمارسوا مهام التدريس نكون وقتها أمام حقيقة خطيرة وواقع مرير ودولة لا نعرف من هو الحاكم الفعلي فيها ونكون أمام مشهد سياسي كل جهة فيه تمسك بملفات ضد جهة أخرى تحاربها بها فلو صح كل ما قلناه فقد يصبح ناجي جلول هو المتسبب في هذه الإقالة المفاجأة وهو من كان وراء هذا التحوير الوزاري الذي ذهب ضحيته وزير الوظيفة العمومية وهي مسألة ستزيد من تأجيج الأوضاع مع نقابات التعليم لارتباط عبيد البريكي باتحاد الشغل. فهل هي الحرب التي بدأت بين الحكومة والنقابة ؟