تحاليل _ تحاليل سياسية _ السبسي يشكّك في «مدنية» النهضة والحركة تدعو رموز النظام السّابق لإثبات التزامهم. |بقلم: حسن سلمان.
أثارت دعوة الرئيس التونسي لمراجعة النظام السياسي في تونس، وتشكيكه بمدنية حركة «النهضة» الإسلامية، عاصفة من الجدل داخل الأروقة السياسية في تونس، حيث اعتبرت «النهضة» أنه نوع من المزايدة السياسية والانتخابية، ودعت بالمقابل رموز النظام السابق إلى إثبات التزامهم بالديمقراطية والتعددية السياسية.
واعتبر قائد السبسي، في حوار مع جريدة «الصحافة» المحلية أن « النظام السياسي المنبثق عن الدستور الحالي يشكو هِنات عدّة وهو نظام شَلَّ العمل الحكومي أو يكاد وطابعه الهجين لا يساعد الحكومة ـ أيّة حكومة ـ والسّلطة التنفيذية عموما على القيام بواجباتها في تسيير الدولة وتحقيق التنمية في إطار مجتمع ديمقراطي تتحقّق فيه قيم الحريّة والكرامة».
كما أشار إلى أن حزبه «اضطر» للتحالف مع حركة «النهضة» الإسلامية، مشيرا إلى أنه «لم تكن أمامنا سيناريوهات أخرى (…) و»النهضة» كانت جاهزة لذلك إضافة إلى أحزاب أخرى بما أتاح حينئذ فرصة تشكيل تحالف حكومي. هي قبلت وليس بشروطها، وقلنا على الأقلّ نسَاهِمُ بذلك في جَلْبِهَا إلى خانة «المدنية» ولكن يبدو أنّنا أخطأنا التقويم.
وعلّق زبير الشهودي القيادي وعضو مجلس شورى حركة «النهضة» على تصريحات السبسي بقوله: «القانون لا يسمح بمراجعة النظام السياسي الآن، هذا الأمر يأتي بعد إتمام هذه الدورة (الانتخابية)، كما أن هذا الأمر غير ممكن دستوريا الآن، باعتبار أن هناك تنصيصا على عدم تغيير الدستور».
وحول تشكيك قائد السبسي بمدنية «النهضة»، قال الشهودي في تصريح خاص لـ«القدس العربي»: « مدنية النهضة ثابتة بالقانون والممارسة والتاريخ، وحتى نحن من جهتنا نحتاج إلى التثبت والتدقيق هل أن رئيس الدولة بالفعل يحترم المسألة الديمقراطية ويعمل بها بما يليق بمرحلة الثورة أم لا، بالتالي هذا السؤال مطروح عليه وليس علينا، فمدنية النهضة أمر غير قابل للنقاش لأن هناك ممارسة فعلية لهذا الأمر، وهناك انضباط عام للقوانين ونحن من الذين ساهموا بتأسيس الجمهورية الثالثة وبالتالي هذا جدل عبثي، ولكن في المقابل يحتاج كل من له ارتباط بالمنظومة القديمة أن يثبت أنه فعلا ديمقراطي ويقبل التعددية والتنوع، وهذه العملية (التصريحات) هي نوع من المزايدة السياسية من حين لآخر وأعتقد أن السبسي لم يكن موفقا في هذا التصريح».
وحول ارتباط التصريح بالانتخابات البلدية وحديث قائد السبسي عن إمكان تأجيلها، قال الشهودي: «إذا كان هذا نوع من المزايدة الانتخابية فالأصل في رئيس الدولة أن ينأى بنفسه عن المنافسة الحزبية فهو الآن رئيس لكل التونسيين، وإذا كان في إطار الشطحات التي تُعتبر غير متوازنة فهو تصريح غير موفق».
وأضاف: «أنا أرى أنه ليس هناك بالفعل أي حزب جاهز في 350 دائرة انتخابية بما فيهم النهضة والنداء، وعدم الجاهزية هذا قد يخدم الأحزاب الأقل حظوظا فضلا عن المستقلين، وهذا يجعل المشهد أكثر تنوعا، فحتى لو تم تأجيل الانتخابات 6 أشهر فهذا لن يغير كثيرا في الأمر، فالانتخابات البلدية من الصعوبة بمكان، ولذلك أي حديث عن تأجيل لأسباب ترتيبية وتقنية هو في الحقيقة عدم التزام من رئيس الدولة بدوره الدستوري في دعوة الناخبين ليوم 17 ديسمبر، وهي رسالة خطأ في علاقة بجذب الاستثمار ونوع من الانتكاسة في المسار الديمقراطي».
وكانت ثمانية أحزاب تونسية (من الائتلاف الحاكم والمعارضة) دعت إلى تأجل الانتخابات البلدية المقرر إجراؤها نهاية العام الحالي، مشيرة إلى أن شروط نجاحها غير متوفرة في الوقت الحالي.