تحاليل _ تحاليل سياسية _ المرزوقي: تونس تعيش إفلاسًا سياسيًا واقتصاديًا والسّبسي والشّاهد يخوضان معركة انتخابية مبكّرة
قال الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي إن بلاده تعيش إفلاسًا سياسيًا واقتصاديًا تسبب به الصراع المستمر داخل «عائلة» الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، مشيرًا إلى أنه من «المضحك» أن من وضعوا رئيس الحكومة يوسف الشاهد، يتجهون اليوم لتحميله نتيجة سياساتهم الفاشلة التي قادت البلاد نحو هذا الوضع المتردي.
وقال، في مقابلة مع قناة «الجزيرة» القطرية» بثتها الإثنين، إن الوضع في تونس يختلف عنه في مصر، لكن النتيجة واحدة وهي عودة النظام القديم ومحاولة تصفية الثورة، موضحًا أكثر بقوله: «عملية تصفية الثورة في تونس كانت أذكى وأعقد ولم تتكلف ما تكلفته القضية في سوريا واليمن، لكن النتيجة في نهاية المطاف نفسها، فهناك اليوم إحباط للثورة وعودة للنظام القديم الذي استطاع أن يستميل جزءًا من القوى التي كانت مع الثورة (وأقصد حركة النهضة). المشكلة أننا نعيش انهيارًا كاملًا للاقتصاد والروح المعنوية للشعب وتعفّن في المؤسسات».
وأضاف: «اليوم هناك صراع في قمة الدولة بين رئيس الجمهورية ورئيس حكومته الذي اختاره هو، والبلاد تدفع ضريبة هذا الصراع. المشكلة الأساسية هي استعادة ذلك الزخم الذي كان يملأ التونسيين بالأمل. يجب معالجة هذه الأزمة قبل أن نصل إلى الانتخابات، وقد لا نصل إليها، لأن رئيس الجمهورية يقول إننا لا نحتاج الانتخابات في الوقت الحالي ويمكن تأخيرها. تصور إلى أي درجة وصل من الاستهتار بالدستور والقيم والعقد الديمقراطي الذي وصلنا إليه».
واعتبر، في السياق ذاته، أن الصراع القائم حاليًا بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المتمرد عليه- رغم أنهما من العائلة السياسية نفسها- هدفه الأساسي هو كيفية الوصول إلى سدة الحكم مجددًا (صراع مبكر على السلطة)، مضيفًا: «البلد في حالة إفلاس اقتصادي، وهم منشغلون بالانتخابات المقبلة، وقد رهنوا مستقبل تونس بهذا الأمر، ولذلك فمنذ اليوم حتى إجراء الانتخابات ستتعطل الآلة الاقتصادية، لأن الدولة منقسمة بين هذا الطرف وذاك، والناس سيقولون دعونا ننتظر حتى نرى مصير هذه الخصومة».
وأَضاف: «المضحك أن المدير التنفيذي للحزب الحاكم، وهو نجل الرئيس، الذي يحاول والده أن يجعله خليفًا له، لم يفهم أن قضية التوريث انتهت. هذا الابن أعطى تشخيصًا مضحكًا للوضع الاقتصادي والاجتماعي، حيث كرر كل ما قلناه منذ سنة حول انهيار الدينار والقدرة الشرائية وارتفاع الأسعار والتداين الخارجي وعدد العاطلين عن العمل، لكن الخديعة تكمن في أنه يقدم هذه الحصيلة على أنها نتيجة حكم يوسف الشاهد الذي سموه هم رئيسًا للحكومة. هؤلاء نجحوا في انتخابات 2014 بالإعلام والمال الفاسدين وبالكذب على التونسيين والقول إنهم غير متحالفين مع النهضة (رغم أنهم كانوا متحالفين معها سرًا)، وأن لديهم برنامجًا اقتصاديًا هائلًا، ولذلك هم الذين يتحملون مسؤولية الوضع المتردي الذي تعيشه البلاد».
ويعيش الحزب الحاكم صراعًا مستمرًا بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد (القيادي في الحزب) والمدير التنفيذي حافظ قائد السبسي (نجل الرئيس)، حيث اتهم الشاهد قائد السبسي في وقت سابق بمحاولة تدمير الحزب، فيما هدد شق حافظ بـ»طرد» الشاهد، وأدى هذا الصراع إلى استقالة جماعية لثمانية نواب وعدد من القيادات، في وقت تساءل فيه بعض المراقبين عن مصير الحزب الذي شهد خلال السنوات الأخيرة انقسامات عدة نتيجة الخلاف المستمر بين مكوناته المتناقضة.
______________________________________________________________________
*حسن سلمان.