رفض تحريم البغاء والخمر .. وفاة أشهر مفسّر للقرآن الكريم في تونس.
الجمعي الصحبي العليمي
2 مايو، 2017
غير مصنف
1,465 زيارة
تحاليل _ رفض تحريم البغاء والخمر .. وفاة أشهر مفسّر للقرآن الكريم في تونس.
توفي أمس الاثنين 01 ماي، الأكاديمي التونسي محمد الطالبي، أحد الباحثين في القرآن والإسلام، عن سنّ ناهز 96 عاما، وهو أوّل عميد في تاريخ كلية الآداب بجامعة تونس، كما درّس مادة التاريخ الوسيط، وأصدر مجموعة من الكتب تدعو إلى اجتهاد أكبر في الإسلام.
وعرف محمد الطالبي ميله الصريح نحو التفسير المباشر للقرآن بعيدا عن تفاسير واجتهادات علماء الإسلام المعروفين، كما اشتهر برفضه اعتماد الشريعة، واصفا إياها بأنها افتراء على الله بما أنها لم توضع إلّا في القرن السادس الهجري، كما اشتهر بعدة آراء مثيرة للجدل جرّت عليه انتقادات كبيرة من مشايخ داخل تونس وخارجها.
فقد قال محمد الطالبي، في أكثر من لقاء إعلامي، إن البغاء حلال في الإسلام، شأنه شأن شرب الخمر، كما قال إن عدم ارتداء المرأة للحجاب، حتى ولو خرجت عارية، لا تتوّلد عنه أيّ عقوبة في الإسلام، متحدثا كذلك عن أن حكم الرجم (في حقّ ممارسي الخيانة الزوجية) غير موجود في القرآن، والأمر ذاته ينطبق على حدّ الردّة (الخروج عن الإسلام).
وكان الطالبي أوّل عميد لكلية الآداب بتونس عام 1955، وكتب ثلاثين مؤلفا ومئات المقالات بالعربية والفرنسية، وحاز العديد من الجوائز.
وعبر الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عن “بالغ التأثّر وعميق الأسى” لرحيل الطالبي الذي وصفه بأنّه “المفكّر الحر والمجتهد المجدّد والمصلح الجريء والمناضل الوطني الصلب من أجل الحريّة والإنسانيّة” الذي “تتلمذت على يديه أجيال تلو أجيال، والذي لم تثنه في الدفاع عن دينه وعلمه وشعبه وأفكاره، لومة لائم ولا شوكة حاكم”.
وواجه الطالبي المسلم المؤمن لأكثر من نصف قرن الشروحات المتشدّدة للإسلام، داعيا بقوّة إلى رؤية متجدّدة للفكر الإسلامي.
وأكد في مقال نشر في صحيفة “لوموند” الفرنسية عام 2006 أنّ الشريعة “نتاج بشري”، معتبرا أنّ “الدين، أيّ دين، لا يجب أن يكون قيدا وإكراها”، ومضيفا “لن أملّ من التكرار أن الإسلام يمنحنا الحرية”.
وشدّد في مقابلة أجراها مؤخرا مع أسبوعية “جون افريك” أن “القرآن هو الوحيد الذي يتضمن تلك العبارة البالغة الوضوح والعلمانية: لا إكراه في الدين”.
وفي حين حرص أثناء فترة حكم الرئيس الحبيب بورقيبة (1957-1987) على الابتعاد عن السياسة، فقد عارض محمد الطالبي نظام الرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011)، وانضم في 1995 إلى “المجلس الوطني للحريات”، المنظمة غير الحكومية للدفاع عن حقوق الإنسان.
وكان الطالبي يدافع عن “مواءمة الإسلام مع الديموقراطية”. واتخذ موقفا معارضا لحزب النهضة الإسلامي، بعد سقوط زين العابدين بن علي. واتهم النهضة بمحاولة تنفيذ “انقلاب ثيوقراطي”.
كما عارض الطالبي بلا هوادة السلفية التي وصفها بأنّها “مناهضة للإسلام”، وتصدّى بقوّة لـ”خطر كراهية الإسلام التي تغذّيها”، برأيه، بعض التيارات المسيحية. وقال في مقابلته مع “جون افريك” “هؤلاء يرون أنّ الرسول محمد لم يأت إلا بأشياء سيئة ولا إنسانية”.
ونال المفكر الراحل أرفع الأوسمة الثقافيّة والفخرية من دول عديدة بينها تونس وفرنسا واسبانيا وإيطاليا وألمانيا والسويد.
وتولّى رئاسة بيت الحكمة بقرطاج (المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون) عام 2011 وأسّس الجمعية الدولية للمسلمين القرآنيين عام 2012.
من آخر مؤلفاته عيال الله (1992)، أمة الوسط (1996)، مرافعة من أجل إسلام معاصر (1998)، الإسلام: حرية وحوار (1999)، كونية القرآن (2002)، ليطمئن قلبي (2010)، ديني الحريّة (2011).