تحاليل | سعاد عبد الرحيم: الدعوة إلى انتخابات مبكّرة في تونس «مزايدة سياسية».
اعتبرت النائبة السابقة والناشطة السياسية سعاد عبد الرحيم أنّ الدعوة إلى تنظيم انتخابات مبكّرة في تونس يدخل في باب «المزايدات السياسية» مشيرة إلى أنّ هذا الأمر لن يقدّم حلاً للأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة في البلاد.
وانتقدت من جهة أخرى «إساءة» بعض السياسيين إلى رئيس الجمهورية باعتباره يمثل جميع التونسيين، مشيرة إلى أن وجود بعض التحفظات حول خطابه الأخير لا يُعدّ مبرراً لارتكاب هذه «التجاوزات» ضده، كما عبرت عن رفضها تشكيل حكومة جديدة، لكنها أبدت تأييدها إحداث تعديل جزئي على الحكومة الحالية يتضمن تغيير بعض الوزراء الذين ارتكبوا أخطاء متكررة.
وقالت عبد الرحيم في حوار خاص مع «القدس العربي»: «لا أعتقد أن الانتخابات المبكّرة هي حلّ للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس، فاليوم هناك ائتلاف حاكم يجب أن يأخذ فرصته في الحكم وإذا فشل فالشعب هو الذي سيعاقبه عبر صناديق الاقتراع، وبالتالي ليس هناك موجب للقيام بانتخابات مبكرة (تشريعية أو رئاسية)، وعموما نحن في حكومة وحدة وطنية وكل طرف سياسي مرحب به في الائتلاف الحاكم حتى يقدم استراتيجية جديدة لمستقبل تونس ومن لديه مشروع لإصلاح الاقتصاد التونسي فليتفضل به، فاليوم نحن بحاجة إلى موقف موحد لإنقاذ البلاد من الوضعية الاقتصادية الحرجة التي تعيشها، وأعتقد أن الدعوات لإجراء انتخابات مبكرة ليست جدية وفيها بالمقابل الكثير من المزايدات السياسية».
وحول دعوة رئيس الحكومة لإجراء تعديل وزاري كبير بسبب الأخطاء المتكّررة لعدد من الوزراء، قالت سعاد عبد الرحيم «ربما عمر الحكومة ليس طويلا (8 أشهر) ولكن فشل بعض الوزراء يتطلب من رئيس الحكومة أن يقوم بتحوير وزاري حسبما يراه، لأن التقييم يكون بالنتائج، وعندما يكون لدينا نتائج تفيد بفشل بعض الوزراء فأعتقد أنه يفترض تغييرهم، ولكني لست مع حل هذه الحكومة وتشكيل حكومة أخرى، لأن الوضعية الحرجة التي تعيشها البلاد، في ظل الاحتقان الاجتماعي وتزايد المطالب الشعبية، تتطلب وحدة وهدنة اجتماعية ومزيداً من الحرص (من الحكومة) على التواصل مع الشعب وفتح باب الحوار مع المنظمات الاجتماعية، وإنما مع تعديل جزئي لبعض الوزارات، كما أسلفت».
وتشهد تونس حالياً تظاهرات مستمرة، ينظمها بعض الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، تطالب بإسقاط مشروع قانون المصالح الوطنية الذي اقترحه رئيس الجمهورية، على اعتبار أنه يساهم في تبييض صفحة رجال الأعمال الفاسدين وعدد من رموز النظام السابق.
وعلّقت سعاد عبد الرحيم على ذلك بقولها «كلنا مع المصالحة الوطنية ولكن لا يمكن التنظير لها مع الإفلات من العقاب، وبالتالي من حق المجتمع المدني وغيره أن يعبّر عن رأيه بطريقة سلمية في رفضه لأي مشروع قانون وهذا من حقّ أي مواطن تونسي، وما وقع في شارع بورقيبة (التظاهرات الأخيرة) هو رسائل موجهة إلى الحكومة لضرورة رد الاعتبار لقانون العدالة الانتقالية المنصوص عليه في الدستور التونسي، وأعتقد أن المصالحة الاقتصادية يمكن أن تتم فقط عبر العدالة الانتقالية».
وكانت المعارضة انتقدت تكليف الرئيس التونسي للجيش بحماية مواقع إنتاج الثروات الطبيعية، معتبرة أن هذا الأمر يدخل في إطار «الزجّ» بالجيش في عملية التجاذبات السياسية و«توريطه» في الصدام مع المحتجين.
وعلّقت سعاد عبد الرحيم على ذلك بقولها «رغم أنّني لست تماماً مع فكرة تواجد الجيش في المنشآت العمومية أو مواقع الإنتاج، إلا أني أعتقد أن حماية الجيش التونسي للمنشآت الوطنية لا يعني عسكرتها أو إقحام للجيش في السياسة، لأن الجيش في 2011 أكد أنه جيش وطني محايد وحامٍ للمواطنين وحدود البلد، وهو الذي حمى الثورة والوطن وكانت السلطة أمامه ولم يستولِ عليها، وربما قرار رئيس الجمهورية هو مؤقت بهدف تأمين مراكز الإنتاج في ظل انخفاض الصادرات واختلال الميزان التجاري».
واستدركت بقولها «شخصياً، أتخوّف كثيراً من حدوث صدام بين الجيش والمحتجّين لأنّها (تاريخياً) وقعت صدامات من هذا النوع وكان هناك قتلى. ولكن نحن نعوّل على أنّ الاحتجاجات سلمية والشعب واعٍ بخطورة الوضع ومتصالح مع ذاته ونحن بحاجة لتفهّم مطالبه والمزيد من الحوار معه وإيجاد مصادر جديدة للاستثمار وتوفير المزيد من فرص العمل».
وحول استخدام عدد من سياسي المعارضة لمصطلحات «مسيئة» لرئيس الجمهورية بعد خطابه الأخير، قالت عبد الرحيم «رئاسة الجمهورية هي مؤسّسة وطنية، ورئيس الجمهورية يمثّل كلّ التونسيين وبالتالي ربّما لا نقبل خطاباً معيّناً (له) وقد نختلف معه في الرؤية والبعد وربما ثمّة نقص في الخطاب الأخير الذي لم يتضمّن رسائل طمأنة للمحتجّين ولم يركّز على الفساد (وهو معضلة كبيرة في تونس)، ونحن نسجّل هذا النقص، ولكن أن نوجّه الاتهامات لرئاسة الدولة وهي مؤسّسة وطنية ورئيس الدولة المنتخب من قبل التونسيين فأعتقد أنّ هذا الأمر يتضمّن بعض التجاوز».