تحاليل _ تحاليل اقتصادية _ الغرب يتآمر على القارّة السمراء لنهب ثرواتها.
المساعدات الأجنبية الممنوحة لإفريقيا لا تستفيد منها بلدان القارة، لكن البلدان المانحة هي المتربّح الفعلي منها.
نتيجة خلصت إليها دراسة بحثية أجرتها منظمات غير حكومية في أوروبا وإفريقيا والتي ذكرت في تقريرها أن المساعدات الأجنبية المقدمة إلى البلدان الإفريقية، وتحديدا في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ما هي سوى حيلة من قبل الدول الثرية للتربّح من دول القارة.
وأشار التقرير، الذي نشر نتائجه موقع ” توكو” الكيني الإليكتروني إلى أن المنظمات، التي قادها في البحث مارتن دريوري مدير منظمة “يونايتيد كينجدمز هيلث بافرتي أكشن” شعرت وكأن الدول الثرية تسيء إلى نفسها عبر التفاخر بأنها تمنح تبرعات سخية في الوقت الذي تربح فيه ما يزيد عن تلك التبرعات بكثير.
وذكر التقرير أنه في مقابل الأموال الأجنبية الممنوحة إلى الدول الإفريقية والبالغ قيمتها 134 مليار دولار سنويا في شكل قروض واستثمارات أجنبية، تحصل البلدان الغربية المانحة في المقابل ما قيمته 192 مليار دولار في شكل أرباح وأموال من ممارسات التهرب الضريبي وتكاليف مواجهة التغيرات المناخية من جانب دول القارة.
وقال التقرير:” إفريقيا ليست فقيرة، لكن سياسات عدم المساواة والممارسات الإجرامية التي تقترفها النخبة الثرية أو تلك التي في السلطة، خارج وداخل القارة، تسهم في النهاية في إبقاء شعوب البلدان الإفريقية في دائرة الفقر.”
وأوضح التقرير أن الممارسات سالفة الذكر تقع من جانب شبكات الملاذات الضريبية الأجنبية التي يخفي فيها الأجانب العاملون في الشركات الإفريقية أموالهم للتهرب من دفع الضرائب بالإضافة إلى الشركات متعددة الجنسيات التي جاءت إلى القارة ونهبت مواردها المتعددة.
وتابع:” ينبغي عليهم أن يتوقفوا فورا عن استخدام لفظ ( مساعدات) وهم يقدمون القروض. وينبغي على تلك الدول الغنية بدلا من ذلك اتخاذ إجراءات لإظهار قدر أكبر من الشفافية والمسائلة في اتفاقياتها مع الدول الإفريقية.”
وها هي 5 طرق تشكل من خلالها المساعدات والاستثمارات الأجنبية عبئا على سكان البلدان الإفريقية:
سداد الديون
رغم شطب الديون المستحقة على بعض دول القارة، لا تزال إفريقيا تسدد مدفوعات الديون المستحقة والبالغة 21 مليار دولار سنويا. وبسبب زيادة أسعار الفائدة على أساس الاقتصاد العالمي، أقدمت العديد من الدول والمؤسسات النقدية العالمية- صندوق النقد الدولي والبنك الدولي- بمضاعفة تبرعاتها إلى الدول الإفريقية.
ففي كينيا على سبيل المثال، تعتبر إسرائيل والصين هما أكبر بلدين في قائمة مانحي المساعدات لـ “نيروبي”، بخلاف البنك الدولي وصندوق النقد الدولي طبعا.. وحصل الرئيس الكيني أوهورو كينياتا في أوائل مارس الجاري على قرض بقيمة 7.2 مليار شلن كيني علاوة على منحة قدرها 3.5 مليار شلن كيني من إسرائيل لتمويل مشروع ضخم في مجال الأمن الغذائي.
لكن من المقرّر أن تسدّد كينيا فائدة بقيمة 241 مليون شلن كيني سنويا على مدار 15 عاما، ما يعني أن الكينيين يدفعون ما نسبته 66% مقابل كل دولار يقدم إلي بلدهم في شكل قروض.
نقل الشركات متعددة الجنسيات أرباحها إلى الخارج
تقوم الشركات متعددة الجنسيات سنويا بتحويل 46.3 مليار دولار من أرباحها من إفريقيا. وتساعد الدول الأجنبية التي تتواجد بها تلك الشركات، الأخيرة على القيام بذلك على حساب القارة السمراء وذلك عبر دفع دول إفريقيا إلى أن تصبح أكثر اعتمادا على الصادرات وفتح أسواقها بدرجة أكبر أمام التجارة والاستثمارات الأجنبية. وفي الواقع، لا تستفيد بلدان القارة لكنها تجد نفسها مضطرة للاقتراض لتغطية تكاليف التشغيل، ما يغرقها بمرور الوقت في مستنقع الديون.
التهرّب الضريبي
بالرغم من أن 50% من التجارة العالمية تمر عبر تلك الدول الثرية التي يتواجد بعضها في مجموعة الـ8، وُجد أن تلك الشركات قامت بنقل أرباحها إلى الدول التي لا يوجد بها قوانين منظمة للضرائب والتي تعد ملاذات ضريبية لتلك الشركات.
وتفقد إفريقيا حوالي 35.3 مليار دولار جراء هروب الأموال للخارج بصورة غير شرعية سنويا والتي تمر عبر تلك الدول التي تمتلك مستويات عالية من السرية التي تسمح بمزاولة الأنشطة الإجرامية مثل تجارة المخدرات والسلاح والبشر وتهريب السلاح والإرهاب.
وتشتمل تلك الدول على الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وهولندا وسويسرا وأيرلندا والمملكة المتحدة.
مواجهة التغيرات المناخية
بالرغم من أن معدلات انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري من إفريقيا لا تشكل سوى 4% من إجمالي الانبعاثات في الغلاف الجوي، تدفع دول القارة ما يصل إلى 10.6 مليارات دولار لمواجهة تداعيات تلك الغازات المنبعثة عن باقي دول العالم.
وتشتمل تلك الإجراءات على الاستعداد لمواجهة المخاطر المحتملة مثل الكوارث الطبيعية والحرارة المرتفعة والأمراض ذات الصلة وسوء التغذية.
وقال التقرير:” تضطر إفريقيا إلى التكيف مع التغيرات المناخية التي لا تتسبب فيها لتجد نفسها في النهاية مجبرة على دفع 26 مليار دولار لتعزيز النمو الاقتصاد القائم على استخدام معدلات منخفضة من الكربون، ما يتناقض مع الحد الأقصى للأموال التي حددها برنامج البيئة في الولايات المتحدة بـ 11 مليار دولار سنويا.”
هجرة العقول
الهجرة الجماعية للعقول الماهرة من إفريقيا بحثا عن دخول أكبر وتحسين النمط المعيشي يكبد البلدان الإفريقية خسائر بقيمة 2 مليارات دولار سنويا في شكل ضرائب كانوا من المفترض أن يقوموا بسدادها حال بقائهم وعملهم في بلادهم.
وفي المقابل، تنفق القارة السمراء حوالي 4 ملايين دولار في الاستعانة بخبراء أجانب لأداء وظائف معينة لا يشغلها المواطنون في البلدان الإفريقية.