تحاليل _ تحاليل سياسية _ تونس: تحذيرات من سقوط الاتحاد العام التونسي للشّغل في الصراع “السياسوي”.
ارتفعت حدة الانتقادات الموجهة للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة في البلاد)، على خلفية انغماسه في العمل السياسي على حساب مهمّته النقابية والاجتماعية، وسط جدل متصاعد حول الدور الموكول لهذه المنظمة النقابية في مرحلة حساسة مثل التي تمر بها تونس.
وترافقت هذه الانتقادات التي جاءت على لسان الطيب البكوش، الأمين العام الحالي لاتحاد المغرب العربي، والأمين العام الأسبق للاتحاد العام التونسي للشغل، مع تكثيف نور الدين الطبوبي الأمين العام لهذه المنظمة من تحرّكاته السياسية باتجاه الضغط لإحداث تغيير وزاري في الحكومة الحالية برئاسة يوسف الشاهد.
وحذّر الطيب البكوش في تصريحات بثتها الخميس إذاعة “إكسبراس أف أم”، المحلية التونسية، من مغبة سقوط الاتحاد العام التونسي للشغل في الصراع السياسوي.
وقال إن الاتحاد العام التونسي للشغل هو “قوة اقتراح ومشارك فعال في القرارات، وجزء من الوحدة الوطنية منذ فترة ما قبل الاستقلال، وإنه يُسيّر بنفس الاستراتيجية وبنفس العقلية منذ تأسيسه”.
وتولى البكوش الأمانة العامة للاتحاد العام التونسي للشغل خلال الفترة ما بين عامي 1981 و1984، أي إبان حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وانضم إلى حركة نداء تونس منذ تأسيسها في العام 2012، حيث تولى أمانتها العامة قبل أن يتولى حقيبة الخارجية في حكومة الحبيب الصيد.
واستدرك البكوش حديثه، ليدعو في المقابل إلى عدم الخلط بين العمل الاجتماعي في بعده السياسي العام وبين العمل “السياسوي”، مشددا في هذا السياق على ضرورة اقتصار دور المنظمة النقابية على تقديم اقتراحاتها في الملفات التي تهم شؤون البلاد عموما دون دخولها في الحسابات الحزبية والعملية الانتخابية ومساندة طرف سياسي دون آخر.
ودفعت هذه التحذيرات التي تضمنت انتقادات ضمنية لاتحاد الشغل، الجدل السياسي حول دور المنظمة النقابية في البلاد، ومجال تحركها، وحدودها ومهامها إلى السطح، كما أعادت إلى الأذهان تصريحات سابقة للناطق الرسمي باسم حركة نداء تونس، منجي الحرباوي، اتهم فيها النقابات بـ”السعي إلى وضع يدها على الدولة بالقوة والترهيب والوعيد”. وكان الحرباوي قد نشر في فيفري الماضي تدوينة في صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي، قال فيها إن “تونس لم تعد تتحمل فوضى النقابات التي تسيست أكثر من اللازم حتى باتت أعشاشا لكل المفلسين في السياسة”.
وأثارت تلك التدوينة جدلا في البلاد لم يتوقف، بل ارتفعت وتيرته على ضوء حدّة المواقف النقابية تجاه الحكومة الحالية، التي عكستها الدعوات المتتالية إلى إجراء تحوير وزاري قبل الانتخابات المحلية المقرر تنظيمها في السادس من ماي المقبل.
وصدرت تلك الدعوات عن نور الدين الطبوبي، الذي كثف من تحركاته السياسية خلال الأيام القليلة الماضية للضغط على الأطراف الحزبية المعنية بوثيقة قرطاج لإقرار مطالبه بذريعة أن الحكومة الحالية فشلت وبات من الضروري تغييرها.
واجتمع الطبوبي الخميس مع رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، محمد الناصر، وبحث معه الوضع العام بالبلاد، وموقف المكتب التنفيذي الموسع للاتحاد العام التونسي للشغل من مختلف القضايا، وخاصة منها تلك المتعلقة بالأداء الحكومي.
وجدد الطبوبي في أعقاب الاجتماع تمسّك المنظمة النقابية بـ”ضخ دماء جديدة في الحكومة” باعتبار أن “الأوضاع في البلاد تتطلب إيجاد حلول جديدة لاحتواء التوترات الاجتماعية الخانقة نتيجة تدني القدرة الشرائية للمواطن وفي كل المجالات”.
وقبل ذلك، اعتبر المكتب التنفذي الموسع للاتحاد العام التونسي للشغل أن الحكومة الحالية “فشلت في جميع المجالات وفي إدارة الملفات الكبرى”، ولم يتردد في بيان وزعه الأربعاء في تحميل حكومة الشاهد مسؤولية تدهور الأوضاع التي تعيش على وقعها البلاد.
وحذّر في بيانه من أن “سياسة التفرد بالرأي والقرار التي تنتهجها الحكومة في الملفات الكبرى، هي سياسة الهروب إلى الأمام نحو المزيد من إنهاك التونسيين بالإجراءات اللا شعبية التي لن تفرز إلا المزيد من التوترات الاجتماعية وتعمّق الأزمة الاقتصادية وترسّخ الارتهان الخارجي”.
وجدد في المقابل مطالبته بـ”ضخّ دماء جديدة في مفاصل الدولة، وبالخصوص في مستوى التشكيل الحكومي على قاعدة صياغة البرامج القادرة على حل المسألة الاجتماعية، ومعالجة الأزمة الاقتصادية بكفاءات تتحلى بالخبرة وبنظافة اليد والقدرة على المبادرة والولاء لتونس”.