تحاليل _ تحاليل سياسية _ في انتظار أن يحسم السبسي مصيره.. لماذا تتمسّك النّهضة بالشّاهد؟
يثير رفض حركة النهضة المعلن لإقالة حكومة يوسف الشاهد الكثير من التساؤلات، خاصة في ما يتعلق بجدية هذا الموقف الذي يعتبره كثيرون مناورة من مناورات الحركة السياسية.
ورفضت الحركة الثلاثاء التوقيع على مسودة وثيقة قرطاج 2 وذلك لتضمنها بندا ينص على إقالة حكومة يوسف الشاهد.
والأربعاء، أصدرت كتلة حركة النهضة في البرلمان بيانا عقب اجتماع مع رئيس الحركة راشد الغنوشي، أعلنت فيه رفضها لإقالة الحكومة مقابل إجراء تعديل وزاري.
واعتبر مراقبون أن تشبّث حركة النهضة بالشاهد هدفه الإيهام بمناصرته وبالوقوف إلى جانبه لتجنّب الوقوع في صدام مع الرئيس الباجي قائد السبسي الذي مازال لم يفصح بعد بصفة رسمية عن نيته رغم تعدّد تسريبات تفيد باقتراحه لاسم عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع ليكون خليفة للشاهد.
وقال رضا شكندالي القيادي بحركة النهضة وأحد أعضاء لجنة الخبراء التي أعدت وثيقة قرطاج 2 إنّ مؤسّسات حركة النهضة حسمت موقفها بإقرارها أن مصلحة البلاد تتطلّب المحافظة على الاستقرار السياسي وذلك لا يكون إلّا بالإبقاء على يوسف الشاهد كرئيس للحكومة إلى غاية 2019.
وأكّد أن إقالة الحكومة برمتها ستضع البلاد في مأزق بالنظر إلى أنّ تشكيل حكومة جديدة قد يستغرق أشهرا طويلة في المفاوضات حول التركيبة وأسابيع أخرى خلال تمريرها على البرلمان لنيل الثّقة، إضافة إلى ما سيسبق كل ذلك من تعطيلات سترافق طلب الشّاهد تجديد الثّقة من أعضاء مجلس النوّاب.
وأرجع شكندالي رفض حركة النهضة التوقيع على وثيقة قرطاج 2 لـ”تضمنها بندا خلافيا دعا إلى إقالة الحكومة برمتها”، مشيرا إلى أنّ النهضة لا تريد حسم هذه المسألة إلّا عبر التوافق بين الأحزاب والمنظمات وبين الرئاسات الثلاث أي البرلمان ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.
وأضاف “بالنسبة لنا مصير يوسف الشاهد ليس خطّا أحمر فإن تمّ التوافق على رحيله فليكن ذلك، فحركة النهضة لن ترفع أي فيتو في وجه الموقعين على وثيقة قرطاج”.
وبشأن الموقف الشخصي لراشد الغنوشي من بقاء الشاهد أو رحيله، قال شكندالي “إن حركة النهضة تحكم بمؤسسات وأعتقد أن رئيس الحركة طرح الملف على الجميع من مكتب سياسي ونواب بالبرلمان وأعضاء بمجلس شورى الحركة، ولذلك فإن موقفه حتى إن كان مغايرا فهو يحترم إرادة قيادات النهضة المتمسكة ببقاء يوسف الشاهد”.
وحول لجوء الغنوشي إلى طرح المسألة على الكتلة البرلمانية وليس على مجلس الشورى، أكد رضا شكندالي أن ممثلين عن مجلس الشورى والمكتب السياسي حضروا اجتماع الغنوشي بأعضاء البرلمان.
وشدّد على أنّ اللقاء التشاوري مع نوّاب حركة النهضة جاء أيضا ليسبق كلّ السيناريوهات التي سيطلب فيها الشاهد تجديد الثقة من البرلمان أو عملية منح الثقة للرئيس الجديد إن تمّ التوافق على تغيير الحكومة الحالية برمتها.
في المقابل، يقول مراقبون إن لجوء قيادة النهضة إلى نوابها بالبرلمان يستبطن مخاوف من سيناريوهات ما بعد إقالة الشاهد، خصوصا في ظل تضارب مواقف قيادات حزب نداء تونس بشأن مصير رئيس الحكومة.
ويصر المدير التنفيذي لحركة نداء تونس حافظ قائد السبسي على ضرورة تغيير يوسف الشاهد إثر توافق سرّي بينه وبين الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية) نور الدين الطبوبي على ضررة إنهاء مرحلة الحكومة الحالية برمّتها.
وإلى جانب توقيع نداء تونس على وثيقة قرطاج 2 التي تنهي بصفة رسمية مرحلة يوسف الشاهد، دعّم نجل الرئيس موقفه بنشر تدوينة استعرض فيها كافة نقاط فشل يوسف الشاهد على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وتحسم تونس الجمعة ملف مستقبل حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها يوسف الشاهد إما بإقالتها وإما بإدخال تعديلات جزئية عليها وذلك خلال اجتماع سيشرف عليه الرئيس الباجي قائد السبسي وسيضم رؤساء المنظمات والأحزاب الموقعة على وثيقة قرطاج الأولى.
ويتكتم الباجي قائد السبسي على موقفه بشأن مصير يوسف الشاهد ويرجح مراقبون أن يكون الرئيس قد حسم موقفه بشأن الموضوع.
ويرجع هؤلاء تركه الكلمة الفصل لاجتماع الجمعة إلى حنكته ودهائه السياسي الذي استخدمه أيضا خلال التخلي عن رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد.
ولم يقدّم أي طرف موقع على وثيقة قرطاج 2 أي اسم لخلافة الشاهد باستثناء المدير التنفيذي لحزب نداء تونس الذي قدّم مرشحين هما وزيرة السياحة سلمى اللومي ووزير السياحة الأسبق في عهد زين العابدين بن علي خليل العجيمي.
والتقى الباجي قائد السبسي الخميس يوسف الشاهد بقصر قرطاج.
وجاء اللقاء ملتبسا وغير محدّد لما يفكر فيه الباجي قائد السبسي، حيث تم التأكيد على أن الاجتماع الثنائي لم يطرح سوى مناقشة الوضع العام بالبلاد.