تحاليل _ تحاليل سياسية _ ماذا وراء زيارة ميركل لتونس ومصر؟
تقوم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل حالياً بزيارة لبلدان شمال إفريقيا تشمل مصر وتونس، في محاولة على ما يبدو لوقف تدفّق المهاجرين إلى بلدان الاتحاد الأوروبي، في وقت يؤكد فيه بعض المراقبين أن ميركل قد تلجأ لمبدأ المقايضة مع هذه البلدان وخاصة تونس، حيث ستتعهد بتقديم المزيد من المساعدات مقابل إنشاء مخيمات مؤقّتة لاحتواء المهاجرين غير الشرعيين واتخاذ إجراءات ردعية لمكافحة هذه الظاهرة المُقلقة.
وقد وصلت ميركل، اليوم الجمعة، إلى تونس قادمة من مصر، حيث التقت الرئيس الباجي قائد السبسي، لمناقشة تكثيف التعاون في مجال مكافحة الهجرة، وعودة طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم، فضلا عن التونسيين الذين لا يحملون وثائق في ألمانيا. وقد أكّد المحلّل السياسي والدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي في تصريحات إعلامية أن زيارة ميركل «تتعلّق بالدرجة الأولي بالمهاجرين غير الشرعيين وهذه الظاهرة يعاني منها جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي، فميركل لا تتحرّك فقط بالنسبة لألمانيا بل تتحدث هنا باسم الاتحاد الأوروبي، وملف الهجرة غير الشرعية يحمل جانباً أمنياً وإنسانياً أيضاً وخاصة أن حوالي 5 آلاف مهاجر غرقوا أو فُقدوا في البحر المتوسط العام الماضي، حيث تم تشكيل عدة جمعيات في تونس للبحث عن المفقودين في عدد من البلدان الأوروبية، ومن ناحية ثانية سيتم التشاور حول المبادرة التونسية المتعلقة بليبيا ومدى إمكانية تحقيق الاستقرار في هذا البلد، وخاصة أن ألمانيا كانت تقتني 32 في المئة من حاجتها من الطاقة من ليبيا».
وكانت أكدت مؤخرا أنه «دون استقرار سياسي في ليبيا، لن نكون قادرين على وقف المتاجرين بالبشر الذين يعملون انطلاقاً من ليبيا».
ويشير بعض المراقبين إلى أن ميركل التي ستخوض انتخابات في سبتمبر، تواجه ضغوطا شديدة للحد من عدد طالبي اللجوء الآتين إلى ألمانيا، بعد أن واجهت انتقادات كثيرة حتى داخل معسكرها المحافظ لفتحها الباب أمام أكثر من مليون مهاجر في عامي 2015 و2016.
ويعلّق العبيدي على ذلك بقوله «لا أعتقد أنّ موضوع الهجرة مرتبط حصراً بالانتخابات في ألمانيا، ففي السياسية ليس هناك شيء نهائي، كما أن الإرهاب لا يرتبط بالانتخابات لأنّ وقوع عمليات جديدة في برلين كالتي حدثت في السابق قد يدفع الرأي العام للتظاهر ضد السلطات، كما أن المواطنين من أصل أجنبي قد يتعرضون إلى اعتداءات في حال تفاقمت الهجرة غير الشرعية، وقد يتم إلقاء اللوم عليهم بتعكير الوضع الأمني في البلاد، وهذا سيؤدي إلى تفاقم العنصرية وتقدم الأحزاب اليمنية، كما حدث في عدد من البلدان الأوروبية».
ولا يستبعد العبيدي أن تقوم ميركل مجدّداً بطرح موضوعات إنشاء مخيمات مؤقتة في تونس، مشيرا إلى أن الموضوع قد يأخذ شكل «المقايضة» عبر تقديم الدعم المالي والأمني مقابل التزام السلطات التونسية الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
ويضيف «تونس تعهدّت رسمياً أنها مستعدّة للتعاون في مجال التصدي للهجرة غير الشرعية وربما لا يستثني ذلك إقامة مخيمات انتقالية مؤقتة، فعندما يشعر المهاجرون غير الشرعيين بوجود حواجز تمنع هجرتهم إلى البلدان الأوروبية مع إمكانية إرجاعهم إلى بلدانهم في حال نجاحهم في الوصول إلى هذه البلدان، لن يفكر عدد كبير منهم بالهجرة مجدداً، كما أن الأمر يتعلق بالتفاوض الذي يتضمن «تنازلات» متبادلة من كلا الطرفين، فإذا لم تتفهم وضعي فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية فلن أتفهم وضعك في ميادين أخرى مثل الدعم المالي والفنّي والأمني، وباختصار: ألمانيا لن تعطينا امتيازات دون مقابل».
وكان رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد خلال لقائه ميركل مؤخّراً في ألمانيا قال، أن تونس لن تكون أرض عبور للاجئين، ولن تقام فيها مخيمات، مشيراً إلى أنّه لن يتمّ ترحيل المهاجرين التونسيين قسرًا من ألمانيا.