تحاليل _ تحاليل سياسية _ الخلافات بشأن الشّاهد تنذر بأزمة سياسية في تونس.
وصلت الخلافات بين الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج2 بشأن مصير الحكومة ورئيسها يوسف الشاهد إلى طريق مسدود، بسبب تمسك كل طرف برأيه.
وقالت مؤسّسة الرئاسة التونسية الاثنين، إن الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية فشلت في التوصل إلى اتفاق حول تعديل الحكومة، وهو ما يهدّد بعودة التوتر السياسي للبلاد.
وبعد أسابيع من المفاوضات حول مصير حكومة الشاهد لم تصل الأحزاب إلى أيّ اتفاق، وأعلن الرئيس الباجي قائد السبسي تعليق المفاوضات التي تعرف باسم قرطاج2.
ويعتبر الفشل في الوصول إلى اتفاق أوّل ضربة لسياسة التوافق بين الحزبين الرئيسيين؛ النهضة ونداء تونس، وقد يلقي البلاد في أتون أزمة سياسية تضاف إلى الأزمة الاقتصادية الحادّة.
وقال كمال مرجان رئيس حزب المبادرة إن “الفشل في الوصول إلى اتفاق يجعل البلاد في انقسام حقيقي وتوتر كبير ويهدّد بأزمة، ممّا قد يجعل حكومة الشاهد في وضع ضعف خصوصا في موضوع الإصلاحات الاقتصادية”.
وعقب الانتخابات الرئاسية والتشريعية سنة 2014 التي فاز فيها حزب نداء تونس، اختار الحزب سياسة التوافق مع حركة النهضة التي جاءت في المركز الثاني. ووثيقة قرطاج هي بمثابة اتفاق وقعت عليه أحزاب ومنظمات وطنية تونسية سنة 2016، وقد انبثقت بموجبها حكومة يوسف الشاهد، وتدعم ما يسمى بـ”مسار التوافق” في تونس.
وأنهت لجنة كلفها الرئيس قائد السبسي منذ أشهر، صياغة وثيقة قرطاج2 مطلع ماي الجاري، التي تتكون من 64 بندا. واتفقت الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج1 على كامل البنود عدا البند الأخير (64)، والمتعلّق بمصير حكومة الشاهد.
وطالب حزب نداء تونس وهو حزب رئيس الحكومة بضرورة إقالة كلّ حكومة الشاهد بدعوى إخفاقها في إنعاش الاقتصاد المنهك ووصول المؤشّرات الاقتصادية إلى مستوى مخيف. ويعاني الاقتصاد التونسي من الوهن منذ ثورة 2011 التي أنهت حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي قبل سبع سنوات مع ارتفاع معدلات البطالة ووصول التضخّم إلى مستويات قياسية.
ويدعم اتحاد الشغل، أقوى المنظمات بالبلاد، مطلب نداء تونس، بينما يرفض حزب النهضة المساس برئيس الحكومة ويقول إنّ التغيير الشامل سيضرب الاستقرار السياسي. وقالت سعيدة قراش المتحدثة باسم الرئيس التونسي للصحافيين “الرئيس قرر تعليق العمل بوثيقة قرطاج2 بعد عدم الوصول إلى اتفاق”.
وأعلن الاتحاد الانسحاب من المشاورات احتجاجا على عدم الأخذ بمطلب إقالة الشاهد. وقال نور الدين الطبوبي الأمين العام للمنظمة “الفشل كان بسبب تعنّت بعض الأطراف ونحن اليوم لم نعد ملزمين بأيّ شيء”.
وقال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي على إثر تعليق اللقاء إنّه لا يوجد هناك اختلاف في وجهات النظر حول النقطة 64، مؤكّدا أنّ النهضة تبنّت الاستمرارية ومازالت تؤمن بالتوافق، مشدّدا على أنّ البلاد تمرّ بوضع دقيق ولا مصلحة لها من الإطاحة الكلية بحكومة يوسف الشاهد.
وأضاف “النهضة قدّمت العديد من التنازلات في السابق ولكن لمصلحة البلاد لا ترى داعيا لتغيير كامل الحكومة التي تحتاج إلى الاستقرار في هذا الظرف الحساس”.
وشدّد على أنّ “شرعية يوسف الشاهد منبثقة من البرلمان، ومن يريد تغييره فليتوجّه إلى البرلمان بشرط إيجاد البديل”.
وكان الرئيس قائد السبسي قد قرّر في اجتماع عقد الجمعة، ترحيل ملف مصير الشاهد وحكومته إلى قبّة البرلمان في إشارة واضحة إلى أنّ الإقالة ليست بيده بل بيد نوّاب المجلس، وأما الذي من صميم صلاحياته هو توجيه لائحة لوم للحكومة، قد تؤدّي إلى حجب الثقة منها.
ويتوقع مراقبون أن يبقي البرلمان على الحكومة، وهو ما تعكسه مواقف الأحزاب. وأعلنت كتلة حركة النهضة أكبر الكتل البرلمانية والتي تحوز على 69 مقعدا داخل البرلمان، الأسبوع الماضي، رفضها إجراء تغيير وزاري يشمل رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وأكّدت أنّ التوقيت غير مناسب لإجراء تغيير وزاري شامل.
وبدوره انقسم حزب نداء تونس إلى شقّين، شقّ يرفض إقالة الشاهد القيادي في الحزب، وجزء آخر يؤيّد نجل الرئيس والمدير التنفيذي لنداء تونس حافظ قائد السبسي. أمّا أحزاب المعارضة فترفض استبعاد يوسف الشاهد، وترى أنّ أزمة البلاد ليست في الأشخاص وإنّما في السياسات الخاطئة المتبعة، وفي منظومة الحكم الثنائية التي يقودها حزبا نداء تونس وحركة النهضة.