الرئيسية | تحاليل سياسية | ليبيا: هل أصبح “المجلس الرئاسي” فعل ماض ناقص!!؟. |بقلم: إبراهيم محمد الهنقاري.

ليبيا: هل أصبح “المجلس الرئاسي” فعل ماض ناقص!!؟. |بقلم: إبراهيم محمد الهنقاري.

تحاليل _ تحاليل سياسية _ ليبيا: هل أصبح “المجلس الرئاسي” فعل ماض ناقص!!؟. |بقلم: إبراهيم محمد الهنقاري*.

علّمونا في المدارس الابتدائية أيّام زمان حينما كان التعليم تعليما وحينما كانت المدارس مدارسا، علّمونا أن  إعراب

” كان ” هو : فعل ماض ناقص، طبقا لقواعد النحو العربي للغتنا العربية الجميلة.

وقد ” كان ” عندنا في ليبيا شيئا ” كانوا ” يسمّونه مجازا ” المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني “. وأقول مجازا لأنّه لم يكن هنالك لا مجلس ولا حكومة وفاق وطني ولا كان هناك توافق بين  أعضائه. فكان هذا المجلس منذ ولادته العسيرة فعلا ماضيا ناقصا. !! أو ربما كان لا محل له أصلا من الإعراب. !!

صاحب ولادة هذا المجلس خارج الوطن وعلى يد الأجنبي كثير من الجدل وكثير من النقد  وكثير من الخصام وقليل من الرضا من بعض المنتفعين من الحالة الليبية التي صنعها من يقفون وراء ” اختراع ” ذلك المجلس وجعله قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في الوقت الذي يناسب من صنعوه. غير أن الرياح أحيانا تجري بما لا تشتهي السفن. فقد عملت الرياح الليبية الحارة أحيانا والحاملة للألغام أحيانا أخرى على ” تجميد ” تلك القنبلة الموقوتة وسحب مسمار او مسامير التفجير منها واحدا بعد الاخر حتى أصبحت تلك القنبلة عديمة الجدوى وحتى اصبح المجلس مجلسا وهو ليس بمجلس فلم يجلس أعضاؤه التسعة معا الا مرة واحدة لأخذ الصور التذكارية وليس لاتخاذ قرارات تخدم الوطن والشعب الليبيين. ثم تفرقت ايدي هذا المجلس بين من استقال ومن جمد عضويته ومن انسحب منه. ولم يبق منه الا من سمي برئيسه وواحد من أعضائه قيل انه ذكر في إقرار ذمته المالية انه يملك سبعمائة مليون دينار ليبي. !! ولا اعرف لماذا يبحث من يملك مثل هذا المبلغ الخرافي عن وظيفة .!! ولا لماذا يتشبث بها على هذا النحو المثير للشبهات. !!

ما علينا..! فربما كان لكل عضو من أعضاء هذا المجلس المعدوم هدفه المعلوم لديه والمجهول لدينا. وكل في فلك يسبحون. !! والله المستعان على ما يصفون.

شخصيا لا أعرف أحدا منهم. ولكنني أعرف القليل عن رئيسه الذي ساقته الأقدار إليه. فهو احد أبناء العاصمة طرابلس واحد أبناء واحد من رجالات الاستقلال النائب المعارض والوزير مصطفى السراج رحمه الله وطيب الله ثراه وهو رفيق درب والدي المرحوم الشيخ محمد ابراهيم الهنقاري والذي كنت اعتبره بحق عما لي وكنت ادعوه دائماً بعمي مصطفى الذي اطلق والدي رحمه الله اسمه على احد اخوتي وهو الاستاذ الدكتور مصطفى محمد الهنقاري الذي ولد في مدينة هون التي كان يعمل بها كلا الرفيقين المرحومين خلال النصف الأول من القرن الماضي .

كنت لذلك أشفق على الباش مهندس فايز مصطفى السراج ان يكون طرفا في لعبة “الروليت الروسي” الليبية الخطرة التي اندفع عدد من المغامرين الليبيين يتبادلون الأدوار فيها وسارعت منذ الْيَوْمَ الاول الى نصح ابن عمي الى عدم الدخول في حلبة هذه المباراة القاتلة خشية عليه وعلى الاسم الكبير لعائلته من غدر الزمان ونفاق الاخوان. ولا ادري ان كان قد اطلع على تلك الدعوة الصادقة والى ما ذكرته به من الحكمة العربية القائلة ” صديقك من صدقك. “

لم يتم التنفيذ الدقيق لاتفاق الصخيرات. ولم تنل حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عنه ثقة مجلس النواب كما تقضي تلك الاتفاقية ولم تقم تبعا لذلك حكومة الوفاق الوطني المنصوص عليها في تلك الاتفاقية الملغومة. ولم تتم تصفية المليشيات ولا تمت عملية جمع السلاح غير الشرعي ولا إعادته الى مخازن الجيش والشرطة. ولم يستطع رئيس وبعض أعضاء ذلك المجلس الدخول الى العاصمة الا عبر ما قيل انه باخرة حربية إيطالية والاختباء في ميناء الشعاب التابع للبحرية الليبية حينا من الدهر لم يكن ذلك المجلس خلاله شيئا مذكورا. بل زاد تغول المليشيات وزاد العدوان على حياة وكرامة الليبيين والليبيات. وتعطلت لغة الكلام بين أعضاء ذلك المجلس وتفرقوا ايدي سبا كما يقال. واطلق بعض الخبثاء السنتهم وأفلامهم بالسوء على ذلك المجلس  وأطلقوا على حكومته اسما لا يرضى به الليبيون والليبيات هو حكومة الفرقاطة!!.

فجأة ورغم كل ذلك بدا ممثلوا الأمين العام وبعثته في ليبيا يسوقون لهذا المجلس المعدوم والمشلول على أنه السلطة الشرعية والرسمية في ليبيا واستصدروا بيانا بذلك من مجلس الأمن الدولي وبدا الباش مهندس وسط ذهول المشفقين عليه يطوف عواصم العالم ويجتمع برؤساء وحكومات الدول الكبرى والصغرى ويصدر ما شاء له من ” القرارات ” ثم نصب نفسه أخيراً القائد الأعلى الثالث ” للقوات الليبية المسلحة ” بعد رئيس مجلس النواب ورئيس المرحوم المؤتمر الوطني العام. علما بان ما كان يسمى بالقوات الليبية المسلحة لم يعد له وجود في ليبيا منذ ١٧ فبراير ٢٠١١ او بعده بقليل. وعلما بان من تبقى من هؤلاء لم يعودوا يعرفون لا من هو قائدهم الأعلى ولا من هو رئيس أركانهم. لقد تكاثرت القيادات عليهم حتى لم يعرفوا من يطيعوا. !!

الآن وبعد أن قاربت مدة اتفاق الصخيرات على الانتهاء وفِي ظل تعقد الأمور في ليبيا وأمام الفشل الذريع لذلك المجلس في إنجاز أي شيئ فيه صلاح لليبيا والليبيين بدأت بوادر الطلاق تظهر للعيان وللمتابعين للشان الليبي بين هذا المجلس الرئاسي المزعوم وما يسمى بالمجتمع الدولي الذي يبدو انه أدرك أخيراً حقيقة هذا المجلس وبدا يفكر في البدائل المتاحة أمامه والممكنة التنفيذ لتجنب كارثة محققة تواجهها الدولة الليبية أقلها الانقسام والتشرذم واخطرها الحرب الأهلية التي ستقضي على من تبقى من الليبيين والليبيات وتقذف بالمصير الليبي إلى المجهول لا سمح الله.

هنا لابد للمخلصين من أبناء هذا الوطن والحريصين على وحدته واستقلاله ان يبادروا الى تقديم النصح والمشورة لمن وضعتهم الأقدار أو المليشيات المسلحة في واجهة الأحداث الليبية الدامية منذ ١٧ فبراير ٢٠١١ وفِي مقدمة هؤلاء رئيس ومن تبقى من أعضاء هذا المجلس الرئاسي الغامض والمحير والعاجز .

لا شكٌ أن أعلم الناس بحال هذا المجلس هم الذين لا يزالون يتشبثون بحبله الواهن الضعيف. عليهم أولا أن يتقوا الله في أنفسهم وان يتقوا الله ثانيا في وطنهم وشعبهم. هم لا شك يعلمون علم اليقين انهم فاشلون فاشلون فاشلون. ويعلمون أيضا انهم لا يقدرون على شيئ مما كسبوا أو مما اكتسبوا. يعلمون ان لا احد من الليبيين والليبيات يثق بهم وبالمشروع الذي جيئ بهم لتنفيذه. وقد يعلمون أن وجودهم وعدم وجودهم إنما يعتمد أولا وأخيرا على مدى ثقةً الليبيين والليبيات بهم وليس على ما يوحي به اليهم أطراف ممن يسمون أنفسهم بالمجتمع الدولي. فلم يبق أمام ما يسمى بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني إلا أن يريح ويستريح . وكفى الله الجميع القتال والمناكفة من اجل الحكم المستحيل أو من أجل المال الحرام. وقد جاء في الأثر ” عاش من عرف قدره ووقف دونه. “

أما ما يمكن أن يحدث بعد ذلك فلن يكون أسوأ مما حدث حتى الآن. وعسى أن يجمع الليبيين والليبيات بعد ذلك على كلمة سواء بينهم فيها صلاح أمرهم ونجاة بلادهم من مصير مجهول أقله كما قلنا الانقسام والتشرذم واخطره الحرب الأهلية التي قد تقضي على ما تبقى من ليبيا ومن الليبيين والليبيات لا سمح الله.

ولعل ما يمكن أن يجمع الليبيين على كلمة سواء هو تولي بعثة الأمم المتحدة مسؤولية الملف الليبي بدعم قوي من مجلس الأمن ماديا ومعنويا وإلغاء وحل كافة المؤسسات والمليشيات القائمة حاليا في ليبيا وإجراء انتخابات نيابية عاجلة تحت إشراف دولي يقرر بعدها مجلس النواب الجديد نظام الحكم الذي يراه مناسبا لليبيا ويعتمد الدستور الذي يراه محققا لطموحات الليبيين والليبيات ومحافظا على وحدة ليبيا وسيادتها الوطنية.

والله وصالح الوطن دائما من وراء القصد .

حفظ الله ليبيا وأهلها من كل سوء.

———————————————————————————————

* كاتب من ليبيا.

شاهد أيضاً

أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة

تحاليل _ تحاليل سياسية _ أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة* …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.