تحاليل _ تحاليل سياسية _ محمد الغنوشي الوزير الأوّل السابق: آن الأوان أن تتنازل الطبقة السياسية عن كبريائها وتقتنص كلّ الفرص المتاحة لتطوير التعاون الدولي والمساهمة في خلق النمو الاقتصادي الدامج بعيدا عن الصراعات الوهمية.
كتب السيد محمد الغنوشي الوزير الأوّل السّابق معلّقا حول إتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات بين تونس وتركيا واتفاقية المقرّ بين صندوق قطر للتنمية وتونس.
♦️ تابعت عديد التحاليل والمواقف حول مشروعي القوانين المذكورين والمعروضين على مجلس نواب الشعب للمصادقة بعد الموافقة عليهما من قبل لجنة الحقوق والحريات منذ شهر فيفري الماضي، مواقف حددتها الانتماءات الحزبية والأيديولوجية دون دراسة قانونية واقتصادية علمية تضع مصلحة تونس فوق كل الاعتبارات والولاءات.
بالنسبة لـ مشروع القانون المتعلق بتشجيع وحماية الاستثمارات بين تونس وتركيا، أودّ أن أشير إلى ما يلي:
🔺1: تربط تونس و تركيا إتفاقية مماثلة تعود إلى سنة 1991 ويعتبر مشروع القانون المعروض محاولة لتطويرها بما يتماشى والقانون الدولي للاستثمار وكذلك قانون الاستثمار في تونس.
🔺2: لا علاقة لهذه الإتفاقية الثنائية بإتفاقية التبادل التجاري الحر المبرمة بين البلدين والتي دعوت إلى تطويرها ومراجعتها بما يمكّن من الحدّ من العجز التجاري بين البلدين. لابد من التذكير أيضا بأنّ تونس أمضت ما يزيد عن50 إتفاقية ثنائية مشابهة لنفس الغرض.
🔺3: تعتبر هذه الإتفاقية أحد الحلول لدفع الإستثمار التركي في تونس والحد من تأثيرات إرتفاع العجز التجاري بين البلدين وتحويل تونس إلى منصّة للصناعة التركية الموجه خاصة للدول الإفريقية.
🔺4: لا تمنح هذه الإتفاقية المستثمرين الأتراك إمتيازات إستثنائية حيث أنّ قانون الإستثمار التونسي لا يسمح بالتّمييز بين المستثمرين الأجانب والمحليين وكذلك المقيمين وغير المقيمين.
🔺5: لا تشمل هذه الإتفاقية العمليات التجارية وكذلك الإستثمارات والمساهمات التي تقل عن 10%من رأسمال الشركات و بالتالي فهي تخص الإستثمارات في القطاعات المنتجة والمشغلة.
🔺6: لا تمس هذه الإتفاقية من السيادة الوطنية بأيّ حال من الأحوال ولا تعطي للمستثمرين الأتراك الحقّ في تملك العقارات إلا بما يسمح به القانون التونسي الحالي والذي يمنع تملّك الأجانب للأراضي الفلاحية بصفة قطعية و يسمح بتملك عقارات في المناطق الصناعية ويخضع تملك بقية العقارات لترخيص الوالي.
🔺7: في حال نشوب نزاعات، تنص الإتفاقية على اللجوء للتحكيم التجاري ثم بعد ذلك القضاء و هذا التوجه معمول به في جل الاتفاقيات ذات البعد الإقتصادي والمالي الدولي وليس فيه أي مساس بالسيادة الوطنية أو إستنقاص من دور القضاء التونسي.
♦️ أعتقد أنّه من الضروري التحلّي بالمسؤولية والعمل على الإستفادة من هذه الإتفاقية لدفع الإستثمارات التركية في تونس بعيدا عن كل توظيف سياسي وإيديولوجي.
🔴 في ما يتعلّق بـ اتفاقية المقر بين تونس وصندوق قطر للتنمية، يجب الإشارة إلى أنّ جل مؤسّسات التّمويل والتعاون الدّولي المنتصبة في تونس أمضت إتفاقيات مماثلة شكلا ومضمونا وتحصلت على نفس الامتيازات المتعلقة بطرق التسيير والإنتداب وتحويل المرابيح ومن هذه المؤسسات الفاعلة أذكر وكالة التعاون الأمريكية USAID وكذلك الوكالة الألمانية GIZ …كما تحصلت جل الشركات الخليجية كسماء دبي وكذلك مشروع بوخاطر على نفس الإمتيازات المذكورة في نص الإتفاقية.
🔺ينتظر أن يساهم الصندوق القطري في تمويل مؤسسات القرض الصغير والمؤسسات المالية بما يمكن من خلق فرص عمل وتوفير التمويلات الضرورية لدفع الإستثمار في المشاريع الصغرى خاصة.
🔺درست بكل تدقيق مشروع هذه الإتفاقية ولم أجد ما يمس سلبا من سيادتنا المالية أو الإقتصادية بل بالعكس، أعتقد، أن بلادنا في أمس الحاحة إلى تواجد كل الصناديق السيادية الخليجية في تونس لدفع الإستثمار وتمويل الإقتصاد وتطوير التعاون العربي في هذا المجال.
🔴 آن الأوان أن تتنازل الطبقة السياسية عن كبريائها وتقتنص كل الفرص المتاحة لتطوير التعاون الدولي والمساهمة في خلق النمو الإقتصادي الدامج بعيدا عن الصراعات الوهمية.