تحاليل _ تحاليل سياسية _ يوسف الشّاهد يواجه سيناريو الرّحيل بنفس طريقة الحبيب الصّيد. |بقلم: الجمعي قاسمي.
تخلّت حركة النهضة الإسلامية برئاسة راشد الغنوشي عن رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ليدخل بذلك مدار حسم اختبار البقاء أو الرحيل مجرّدا من كلّ أدوات الضّغط السياسي والمعنوي التي مكّنته من إطالة عمر حكومته خلال الشّهرين الماضيين.
ويفتح موقف حركة النهضة الباب أمام رحيل يوسف الشاهد بنفس الطريقة التي رحل بها سلفه الحبيب الصيد في العام 2016، بعد أن تخلّت عنه في الربع ساعة الأخير من صراعه للبقاء في منصبه.
وأكّد علي العريض، نائب رئيس الحركة في تصريحات إذاعية، أنّ حركته “مع التعديل الوزاري سواء كان جزئيّا أو كليّا”. وأضاف في تصريحات إذاعية مساء السبت أنّ حركته “تؤكّد على ضرورة الاستقرار، وعلى أهمية ضخّ دماء جديدة في الحكومة، والإسراع في غلق ملف التّعديل الوزاري”.
ويبدّد هذا الموقف الالتباسات العديدة التي أحاطت بموقف حركة النهضة بخصوص بقاء أو رحيل الحكومة الحالية، ما يعني أنّها انتقلت في تكتيكاتها السياسية إلى مرحلة جديدة لا ترى مكانا فيها ليوسف الشاهد وأعضاء فريقه الحكومي.
وبقيت الحركة حتى وقت قريب تُوفر للشاهد الغطاء السياسي الذي وظّفه في صراعاته مع القوى التي تطالب برحيله.
وقبل ذلك تواترت أنباء مفادها أنّ راشد الغنوشي، وبعد اطمئنانه على نتائج الانتخابات المحلية، أبلغ مسؤولي الأحزاب والمنظمات الوطنية التي تُطالب بحكومة جديدة، وخاصة منها حركة نداء تونس، والاتحاد العام التونسي للشغل، أنّ حركته لم تعُد تتمسّك ببقاء الشاهد، وأنّها ليست معنية أصلا بالمشاركة في الحكومة المقبلة.
ويربط مراقبون هذا الموقف الجديد لحركة النهضة الإسلامية، باستعداداتها للانتخابات التشريعية والرئاسية المُقرّرة في أكتوبر من العام 2019، التي يبدو أنّها تريد خوضها وهي مُتحرّرة من تبعات أيّ إخفاق أو فشل حكومي.
وعقد قادة الأحزاب والمنظمات الوطنية الموقّعة على وثيقة قرطاج، اليوم الاثنين، اجتماعا برئاسة الرئيس الباجي قائد السبسي، أتى بعد أكثر من شهرين عن آخر اجتماع لهم عُقد على وقع احتدام الأزمة الحكومية. وشكّل هذا الاجتماع، الاختبار الأهم بالنسبة للمسيرة السياسية ليوسف الشاهد، حتى أنّ المراقبين ربطوا مصير الحكومة بالقرارات التي ستنبثق عن هذا الاجتماع. وتمّ خلال الاجتماع بحث أولويات المرحلة القادمة، ومناقشة وثيقة قرطاج 2، إلى جانب محاولة الاتفاق على نوع الحكومة بمعنى هل ستكون حكومة سياسية تُبقي على مبدأ المحاصصة الحزبية، أم حكومة تكنوقراط تكتفي بإدارة شؤون البلاد لغاية تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية في أكتوبر 2019.
واستبق الشاهد هذا الاجتماع، بعقد لقاء مع سفراء الدول السبع الكبرى المعتمدين بتونس، وسفير الإتحاد الأوروبي، باتريس برغاميني، أثار جدلا واسعا. وتعمق الجدل ليصل إلى درجة اتهام الشاهد بـ”الاستقواء” بسفراء الدول الكبرى في مواجهته للأحزاب والمنظمات الوطنية التي تطالب برحيله، بسبب تصريحات لسفير فرنسا أوليفيي بوافر دارفور في أعقاب الاجتماع.
وقال السفير الفرنسي “ثقتنا كبيرة في هذه الحكومة لقيادة وإنجاح مجمل الإصلاحات التي وضعتها بما يجعل من تونس نموذجا مثاليا يحتذى في المنطقة”.
وسارع نورالدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يُعتبر من أبرز القوى التي تدعو إلى رحيل يوسف الشاهد، إلى الرد على تلك التصريحات بالقول إن “تقييم السفير الفرنسي لأداء الحكومة التونسية وتمجيده لها، وصمة عار جديدة لتونس”. واعتبر أنه أمام ما وصلت إليه البلاد من تدني القدرة الشرائية، وبلوغ نسبة التضخم حوالي 8 بالمئة، “بات الوضع يتطلّب ضخّ دماء جديدة في مفاصل الدولة”.
________________________________________________________________________
*صحافي تونسي.