تحاليل _ تحاليل سياسية _ تونس: المعارضة تصعّد احتجاجاتها ضدّ قانون «المصالحة» وسط تباين مواقف أحزاب الائتلاف الحاكم.
صعّدت المعارضة التونسية وتيرة احتجاجاتها ضد مشروع قانون «المصالحة الاقتصادية»، حيث تم تشكيل جبهة حزبية للتصدي للمشروع، كما نظم عدد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني سلسلة احتجاجات واسعة في العاصمة، فضلاً عن حملات الكترونية كبيرة تطالب بإسقاط المشروع، فيما تباينت مواقف أحزاب الائتلاف الحاكم من المشروع، حيث اعتبره نواب حزب «نداء تونس» مدخلاً للتصالح بين التونسيين، فيما طالبت حركة النهضة بتعديله، مشيرة إلى أنّها لن توافق على أيّ مشروع غير دستوري.
وأعلنت خمسة أطراف سياسية هي «الجبهة الشعبية» وحركة «الشعب» وأحزاب «الجمهوري» و«التيار الديمقراطي» و«التكتل»، السبت، تشكيل جبهة حزبية للتصدي لقانون المصالحة، تهدف لوضع برامج تتعلق بتنسيق الجهود حول كيفية التصدي للقانون بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني.
وشاركت الجبهة مع عدد من أحزاب المعارضة وعدد من منظمات المجتمع المدني بتظاهرات احتجاجية في العاصمة رفعت شعار «الشعب يريد إسقاط الفساد»، فيما أعلنت حملة «مانيش مسامح» (لن أسامح) التي شاركت في التظاهرات حالة «الطوارئ الشعبية» ضد مشروع القانون، داعية جميع التونسيين إلى النزول للشوارع لإسقاط هذا القانون.
وأصدرت الحملة بياناً عبر صفحتها على موقع «فيسبوك» أكدت فيه أن «التعنت في محاولة تمرير مشروع هذا القانون اللادستوري، الذي يطبّع مع الفساد ويكرّس الإفلات من العقاب وينسف مسار العدالة الانتقالية، يجعل نزول المحتجّين إلى الشارع ضرورة، وفاءً لتضحيات أجيال من التونسيّين والتونسيّات ولأرواح من استشهدوا حتى لا يتحوّل التونسيون إلى مواطنين من درجة ثانية أمام الفاسدين الذين تحميهم أجهزة الدولة».
وأكد الرئيس السابق منصف المرزوقي خلال افتتاحه المؤتمر الانتخابي الأول لحزبه «حراك تونس الإرادة» انه في حال إصرار منظومة الحكم الحالية على تمرير مشروع قانون المصالحة الاقتصادية فانه سيدعو الشعب التونسي للتظاهر السلمي والنزول إلى الشوارع في يوم غضب وطني.
وأَضاف: «من المأساة الوطنية أن تقوم الثورة لمحاربة الفساد والمنظومة الحالية ترغب باسم الديمقراطية في تبنى الفساد»، مشيراً إلى أن «تونس لم تعرف مثل هذا الانحطاط في استشراء الفساد حتى في عهد الاستبداد».
وفي خطوة لافتة، قام عدد من قيادات ونواب المعارضة بتعديل صورهم الشخصية على موقع «فيسبوك»، مستخدمين شعارات ضد قانون «المصالحة» من قبيل «الروندا (الجولة) الثالة ما يتعداش (لن يمر)» و«الرخ_لا» (لا للرجوع)، ورد نواب حزب «نداء تونس» بشعار مضاد بعنوان «بالديمقراطية سيمر.. تونس تتصالح».
وكتب القيادي في حزب «التيار الديمقراطي» هشام العجبوني: « أوّل طريق الإصلاح هو إسقاط قانون المصالح (المصالحة)». وأضاف: « لن نسامح من نهب المال العام ودمّر اقتصاد البلاد»، فيما تساءل الباحث ساهم براهم «كيف لقانون قسّم أفراد الشّعب وخلق فتنة بينهم أن يكون مدخلا للمصالحة؟».
وعلّقت النائبة عن «نداء تونس» ابتسام الجبابلي على شعارات المعارضة «يريدون أن تصبح حياة التونسي فوضى وصراع ومواجهات». وأضافت: «المجتمع التونسي قادر على التصالح. وبلادنا اليوم في حاجة إلى وحدة مجتمعية كي نستطيع التقدم والاستمرار». وكتب القيادي في حزب برهان بسيّس « للذين يتساءلون عن أي ديمقراطية سيمر بها قانون المصالحة، أجيبهم: ديمقراطية الربيع العربي.. أفلا تفقهون؟».
فيما تباينت مواقف بقية مكونات الائتلاف الحاكم، حيث قال النائب عن حزب «آفاق تونس» كريم الهالي: «نحن ندعم المصالحة الوطنية، على ان تكون هدفاً يجمع التونسيين ولا يفرقهم ويحافظ على مسار العدالة الانتقالية».
وكتبت النائبة عن حركة «النهضة» يمينة الزغلامي «قانون المصالحة الاقتصادية بصيغته الحالية غير دستوري ويمسّ بمسار العدالة الانتقالية ولن تصوّت عليه النهضة إلّا بعد تعديله». وأضافت لاحقاً: «لا أحد يستطيع المزايدة على حركة النهضة التي لن تمرّر قانونا يمسّ بالعدالة الانتقالية ويخالف الدستور ويبيّض الفساد». فيما اعتبر النائب عبد اللطيف المكّي أنّه «من السليم سياسيا وأخلاقيا أن تُمنح الأحزاب حقّ التصويت الحرّ حول ما يسمّى بقانون المصالحة الاقتصادية».
يذكر أن لجنة «التشريع العام» داخل البرلمان بدأت مؤخّراً بمناقشة نسخة معدّلة من مشروع قانون المصالحة، تقدّمت بها الرئاسة التونسية، على أن يتمّ لاحقا تخصيص جلسة عامة لمناقشة المشروع والتصويت عليها من قبل أعضاء البرلمان.